ثالثا : الحذف
يراد به عنصر التحويل الذي يعني نقصاً في الجملة النواة التوليدية الإسمية أو الفعلية لغرض في المعنى ، وتبقى الجملة تحمل معنى يحسن السكوت عليه ، وتحمل اسمها الذي كان لها قبل أن يجري عليها التحويل.
فإن سأل أحدهم قائلاً : من نجح ؟ وأجيب : عليّ ، فإن كلمة « علي » في سياقها تحمل معنى يحسن السكوت عليه فهي جملة ، ولكنها جملة قد حذف ركن من أركانها وهو الفعل « نجح » فهي جملة تحويلية ، القصد من التحويل فيها هو الإيجاز ، وهو ما تسعى العربية الى تحقيقه.
وهو عنصر من عناصر بلاغة المتكلم ، ولهذا قال عبد القاهر الجرجاني :
« هو باب دقيق المسلك لطيف المأخذ ، عجيب الأمر ، شبيه بالسحر ، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر ، فالصمت عن الإفادة أزيد للإفادة ، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق ، وأتم ما تكون بياناً إذا لم تبن » (١).
ومن شرط الحذف أن يكون في الكلام ما يدل على المحذوف وإلا كان تعمية وألغازاً ، ومن شرطه أنه متى ما أظهر المحذوف زال ما كان في الكلام من الحسن والطلاوة.
وفي ملحمة السيد الشامي « قوافل النور » مواطن كثيرة للحذف لأغراض مختلفة منها وجود القرائن الدالة على المحذوف ، أو ضيق المقام عن إطالة الكلام ، أو المحافظة على القافية ، أو لتعيّنه وعدم احتمال غيره ، وغيرها من الأغراض الواردة في كتب النحو والبلاغة ومعاني النحو. أذكر بعضاً منها لإتمام الفائدة :
لقد تكرر في الملحمة حذف الفاعل لوجود القرائن الدالة عليه ، منها :
__________________
(١) دلائل الإعجاز ١١٢.