من أخلاقه عَلَما ، ويأمرني بالإقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما ».
لاحظوا هذه الكلمة : « أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة ، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ».
ثمّ لاحظوا ماذا يقول الرسول لعلي : « إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ، إلاّ أنّك لست بنبي ولكنّك وزير ، وإنّك لعلى خير » (١).
أرجو الإنتباه إلى ما أقول ، لتروا كيف تتطابق الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة وكلام علي في الخطبة القاصعة ، إنّ عليّاً وإنْ لم يكن بنبي لكنّه رأى نور الوحي والرسالة وشمّ ريح النبوّة.
أترون أنّ هذا المقام وهذه المنزلة تعادلها منازل جميع الصحابة من أوّلهم إلى آخرهم في المنازل الثابتة لهم ؟ تلك المنازل لو وضعت في كفّة ميزان ، ووضعت هذه المنزلة في كفّة ، أترون أنّ تلك المنازل كلّها وتلك المناقب ، تعادل هذه المنقبة الواحدة ؟
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ / ١٨٢ ـ مطبعة الإستقامة بمصر ( محمّد عبده ).