ولا تجب الجماعة بالأصالة إلّا في الجمعة والعيدين ، وقد تقدّمتا ، وهذا الحكم إجماعيّ بين الأصحاب.
والمخالف في ذلك أكثر العامة ، فقيل بوجوبها كفاية في الصلوات الخمس (١) ، وقيل باشتراط صحّة الصلوات بها (٢).
ويدلّ على مذهب الإمامية مضافاً إلى الأصل والإجماع ظاهر الأخبار المتقدّمة ، وسياقها مساق الاستحباب كما لا يخفى.
وأما الاستدلال بصحيحة زرارة والفضيل قالا قلنا له : الصلاة في جماعة فريضة هي؟ قال : «الصلاة فريضة ، وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلّها ، ولكنها سنّة من تركها رغبةً عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له» (٣) فيمكن المناقشة فيه بأنّ المراد بالسنّة ما قابل الفريضة ، وهو أعمّ من المستحب.
ويشكل بالآية (٤) ، ومع ملاحظتها فالاستحباب أقرب مجازاتها لو لم نقل بثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه ، إما مع متروكيّة الأوّل أو مع الاشتراك. ولو قلنا فالأمر أوضح ، أما على الأوّل فظاهر لأصالة الحقيقة وظهور عدم إرادة المعنى اللغوي ، وعلى الثاني فالآية قرينة معيّنة.
وإن أبيت عن جميع ذلك فنقول : إنّ سياق الخبر كالأخبار الكثيرة الأُخر ظاهر في ذلك ، وإنما قلنا إنّه لا تجب أصالة إذ قد تجب لعارض كالنذر وشبهه ، وكما لو عجز المصلّي عن القراءة فيلزمه الائتمام كما مرّ.
ولا تجوز الجماعة في النوافل عدا ما استثني ، منها صلاة الاستسقاء ، ومنها صلاة العيدين مع اختلال الشرائط ، وقد تقدم الكلام فيهما ، قال في المنتهي : وذهب إليه
__________________
(١) ذهب إلى ذلك ابن شريح كما في فتح العزيز ٤ : ٢٨٥ ، وسبل السلام ٢ : ٤٠٩.
(٢) نقله عن داود في المجموع ٤ : ١٨٩ ، ونيل الأوطار ٣ : ١٥١ ، وبداية المجتهد ١ : ١٣٦.
(٣) الكافي ٣ : ٣٧٢ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٤ ح ٨٣ ، الوسائل ٥ : ٣٧١ أبواب صلاة الجماعة ب ١ ح ٢.
(٤) قوله تعالى «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ» (البقرة : ٤٣).