ويظهر من هذا الخبر تحقّق الجماعة بالصبيّ ، ولعلّه يحمل على المميّز الذي كلّف بالصلاة تمريناً ، وتشمله العمومات أيضاً.
وهل تصحّ إمامة الصبي المميز أم يشترط التكليف؟ المشهور على عدم الصحّة ، وخالف في ذلك الشيخ في الخلاف (١) والمبسوط (٢) ، والأوّل أقرب.
لنا : مضافاً إلى أصالة عدم الصحّة ، وكون الجماعة وظيفة شرعيّة يتوقّف ثبوتها على وظيفة الشرع وغير ذلك مما ذكرنا ، وعدم وضوح كون عبادة الصبيّ شرعيّة ، وأنّه لا يؤمن عليه الخطأ ، فلا تثبت العدالة التي هي شرط عندنا البتة ما رواه إسحاق بن عمّار ، عن جعفر عليهالسلام ، عن أبيه عليهالسلام إنّ عليّاً عليهالسلام كان يقول : لا بأس أنّ يؤذن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤمّ حتّى يحتلم ، فإن أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من يصلّي خلفه (٣).
ولعلّ عموم قوله عليهالسلام في رواية ابن راشد: لاتصلّ إلّا خلف من تثق بدينه وأمانته (٤) يشمله.
واحتجّ الشيخ في الخلاف برواية طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهمالسلام ، قال لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤم (٥) وحملها الشيخ على الغلام الذي بلغ السن أو أنبت.
وقد يضعف ذلك بتوارد الروايتين على صفة واحدة ، فالأولى العمل بالأُولى ، لكون طلحة ضعيفاً (٦) ، ولكونها مخالفة لما عليه أكثر الأصحاب ، وللأُصول المعتمدة.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٥٥٣ مسألة ٢٩٥.
(٢) المبسوط ١ : ١٥٤.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ١٠٣ ، الاستبصار ١ : ٤٢٣ ح ١٦٣٢ ، الوسائل ٥ : ٣٩٨ أبواب صلاة الجماعة ب ١٤ ح ٧.
(٤) الكافي ٣ : ٣٧٤ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٦٦ ح ٧٥٥ ، الوسائل ٥ : ٣٨٨ أبواب صلاة الجماعة ب ١٠ ح ٢.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ١٠٤ ، الاستبصار ١ : ٤٢٤ ح ١٦٣٣ ، الوسائل ٥ : ٣٩٨ أبواب صلاة الجماعة ب ١٤ ح ٨.
(٦) لأنّه عامي ولم يوثّق (انظر معجم رجال الحديث رقم ٦٠١١).