وتؤيّده صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما : إنه سئل عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قراناً ، قال : «لا بأس به» (١).
والمراد بالأقرإ على ما نقل عن جماعة من الأصحاب هو الأجود قراءة وإتقاناً للحروف ، وأشدّ إخراجاً لها من مخارجها. وربّما يضمّ إلى ذلك الأعرفية بالأُصول المقرّرة بين القرّاء (٢).
وقيل : يحتمل إرادة أكثريّة قراءة القرآن ، أو أجوديّة طلاقة اللسان (٣).
ونقل العلامة في التذكرة قولاً بتقديم الأفقه على الأقرأ (٤) ، ومال إليه جماعة من متأخّري أصحابنا ، بل وقطع بعضهم بذلك (٥) ، وهو قوي ، لما رواه الصدوق مرسلاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال إمام القوم وافدهم ، فقدّموا أفضلكم (٦). والوافد : قاصد الأمير للزيارة أو الاسترفاد ونحوهما ، والإبل السابق للقطار (٧).
وروى عنه صلىاللهعليهوآله أيضاً إن سرّكم أن تزكّوا صلاتكم ، فقدّموا خياركم (٨).
وتدلّ عليه أيضاً الآيات والأخبار الكثيرة الدالّة على أفضليّة العالم وجلالة قدره ، وكونه بمنزلة الأنبياء ، وكونه وارثهم ، وأفضل من سبعين ألف عابد ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى كثرة (٩) ، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، بل الذين
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٩ ح ٩٩ ، الاستبصار ١ : ٤٢٣ ح ١٦٢٨ ، الوسائل ٥ : ٤٠٠ أبواب صلاة الجماعة ب ١٦ ح ٢.
(٢) المسالك ١ : ٣١٦ ، روض الجنان : ٣٦٦.
(٣) البيان : ٢٣٣.
(٤) التذكرة ٤ : ٣٠٦.
(٥) كالعلامة في المختلف ٣ : ٦٦ ، وصاحب المدارك ٤ : ٣٥٩.
(٦) الفقيه ١ : ٢٤٧ ح ١١٠٠ ، الوسائل ٥ : ٤١٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٦ ح ٢.
(٧) القاموس المحيط ١ : ٣٥٩ وفيه : للقطا ، بدل للقطار.
(٨) الفقيه ١ : ٢٤٧ ح ١١٠١ ، الوسائل ٥ : ٤١٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٦ ح ٣.
(٩) راجع البحار ١ : ١٦٢.