أعني صلاة ذلك الصفّ مثلاً لو كان الصفّ مستطيلاً وقام في أحد طرفيه رجلان ، وكذا في وسطه ، وكذا في أخره ، وإن كان الفصل بين كلّ منها كثيراً فتصحّ الصلاة ، لكنه خلاف المستحب.
وأما صلاة من يليهم من الصفّ الثالث فتشكل صحّتها لو كان الفصل كثيراً ، إذ يستلزم الفصل بين الصفّين بأزيد مما يتخطّى ، إلّا أن يكون الفصل قليلاً بمثل مكان رجل أو أزيد منه قليلاً ، فيشكل الحكم بالبطلان.
بل الظاهر الصحّة على القول باشتراط عدم الزيادة مما يتخطّى أيضاً.
مع احتمال الصحّة ولو كان الفصل كثيراً أيضاً ، لأنّه يصدق أن بينه وبين الصفّ الذي قدّامه هذا المقدار ، لكن إرادة محاذي الصفّ من الصفّ مجاز ، وهو خلاف الأصل.
وتستحبّ تسوية الصفوف وإقامتها ، قال في الذكرى : تستحبّ إقامة الصفوف استحباباً مؤكّداً (١).
قال ابن بابويه : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله أقيموا صفوفكم ، فإنّي أراكم من خلفي ، كما أراكم من قدّامي ومن بين يدي ، ولا تخالفوا فيخالف الله بين قلوبكم (٢).
إلى أن قال : ويستحبّ لمن وجد خللاً في الصفّ أن يسعى ، روى العامّة في الحسان عنه صلىاللهعليهوآله إنّ الله وملائكته يصلّون على الذين يلون الصفوف الأُول ، وما من خطوة أحبّ إلى الله من خطوة تمشيها تصل بها صفّاً (٣).
إلى أن قال : ويستحبّ للإمام أمرهم بتسوية الصفوف ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يقول عن يمينه اعتدلوا سوّوا صفوفكم ، وعن يساره : اعتدلوا
__________________
(١) الذكرى : ٢٧٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٢ ح ١١٣٩.
(٣) سنن أبي داود ١ : ٢٣٤ ح ٦٦٤.