كون العلّة أعم من وجه من تلك العمومات.
ولا يجب القضاء على الكافر الأصلي إذا أسلم ، لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله ، ولعلّه من المتواترات ، وللإجماع ، بل قيل : إنّه ضروريّ.
وهذا في غير من انتحل الإسلام من الكفّار مثل الغلاة والخوارج والنواصب ، فإنّ حكمهم حكم المخالفين ، وحكمهم أنّهم ما لم يستبصروا فلا تصحّ صلاتهم ولا تُقبل منهم عبادة ، لأنّهم أخذوها من غير موضعها.
وذلك نظير من لم يكن مجتهداً أو لم يأخذ عن مجتهد وإن طابقت عبادته الواقع ، فإنّهم يحكمون ببطلانها ، فكذلك من لم يأخذ دينه من الأئمّة.
ولأنّ عبادتهم فاقدة لشرائط الصحّة غالباً ، والإجماع والأدلة قائمة على بطلان العبادة الغير الجامعة لشرائط الصحّة ، مثل أنّهم يمسحون بالماء الجديد ، ويغسلون أرجلهم في الوضوء ، ويتركون التسمية في القراءة وأمثال ذلك.
وللأخبار الكثيرة المصرّحة بأنّه لا يقبل منهم عمل ، وأنّ أعمالهم كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف ؛ المذكورة في الكافي لا نطيل بذكرها (١).
ولا إشكال في هذا الحكم في المعاندين منهم المصرّين على متابعتهم الإباء والأُمّهات ، فإنّهم لا يؤجرون عليه أصلاً وقطعاً.
وأما المستضعفون الجاهلون فلا دليل على حرمانهم من الأجر مطلقاً ، وقد بيّنا في القوانين أنّ الجاهل إجمالاً وتفصيلاً معذور ، وإنّما الذي لا يعذر هو العالم بالإجمال ، الجاهل بالتفصيل ، المقصّر في التحصيل.
وأما بعد الاستبصار ففيه أقوال ثلاثة ، أقواها موافقاً للمختلف (٢) والذكرى (٣) : أنّه لا يجب عليهم قضاء ما فعلوه إلّا الزكاة التي أعطوها غير المؤمنين ، وأنّهم يثابون
__________________
(١) الكافي ١ : ١٨٣ ح ٨ ، وج ٢ : ١٨ ح ٥.
(٢) المختلف ٣ : ٣٠٧.
(٣) الذكرى : ١٣٥.