وذهب جماعة ، منهم المحقّق في المعتبر (١) تبعاً للشيخ في الخلاف (٢) إلى الاستحباب ، لضعف الأخبار ، وقد عرفت أنّه لا وجه له.
وهذا الوجوب كفائي بالإجماع على كلّ المكلّفين والمطّلعين عليه.
وفي كفاية الظنّ بحصوله أو لزوم تحصيل العلم به قولان (٣) ، أظهرهما الأوّل.
وقد يستدلّ عليه بأنّ التكليف بالعلم بحصول الفعل من الغير في المستقبل قبيح ، لامتناعه ، ووجوب حضور جميع أهل البلد عند الميّت حتّى يدفن بعيد ، فإن أُريد بذلك عدم وجوب الشروع على الكلّ أولاً مع سعة الوقت فله وجه ، وإن أُريد به عدم وجوب العلم بحصول الفعل فلا وجه له.
والأولى الاستدلال بأنّ حجيّة الاستصحاب إنّما هي من جهة ظنّ المجتهد الناشئ عن غلبة بقاء ما ثبت ؛ فهو حجّة ما دام الظنّ باقياً ، ولا ظن مع الظنّ بحصول الفعل.
وإن استدلّ بالأخبار الصحيحة الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا بيقين (٤) ؛ ففيه أنّها لا حجيّة فيها إلّا من جهة ظنّ المجتهد كما حقّقناه في الأُصول ، ولا ظنّ من جهتها مع الظنّ بتحقّق السبب الموجب لتحقق المسبب ، وهو فعل الغير الموجب لسقوط التكليف ، فكم من يقين نقض بالظنّ ، مع أنّ العمل بظنّ المجتهد أيضاً يقيني.
وبالجملة التحقيق تقديم الظاهر على الأصل ؛ إلّا ما دلّ الدليل الخارجي في
__________________
(١) المعتبر ١ : ٢٥٨.
(٢) الخلاف ١ : ٦٩١ مسألة ٤٦٦.
(٣) القول بكفايته للمحقّق في المعارج : ٧٥ ، والقول بالعدم للشهيد الثاني في روض الجنان : ٩٢ ، وسبطه في المدارك ٢ : ٥٥ ، والسبزواري في الذخيرة : ٧٩ ، والبحراني في الحدائق ٣ : ٣٥٩.
(٤) انظر الوسائل ١ : ١٧٤ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ، وج ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٣ ، وج ٧ : ١٨٤ أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١٣.