الثاني : يجب أن يكون المغسّل للمسلم مسلماً.
وإذا لم يوجد مسلم مماثل ولا ذو رحم ، فالمشهور أنّ الكافر والكافرة يباشران غسل المسلم والمسلمة بعد أن يغتسلا ، لموثّقة عمّار (١) ، ورواية عمرو بن خالد (٢).
قال في الذكرى : ولا أعلم مخالفاً لهذا من الأصحاب سوى المحقّق في المعتبر محتجّاً بتعذّر النيّة من الكافر مع ضعف السند (٣) ، وجوابه منع النيّة ههنا ، أو الاكتفاء بنية الكافر كالعتق منه ، والضعف العمل يجبره ، إلى أن قال : وللتوقّف فيه مجال ، لنجاسة الكافر في المشهور ، فكيف يفيد غيره الطهارة (٤).
أقول : رواية عمّار موثّقة منقولة في كتب المشايخ الثلاثة ، والأُخرى أيضاً قويّة ، فلا وجه لتضعيف السند ، سيّما مع اعتضادها بالعمل ، لكنهما لا تدلان إلّا على مباشرة النصراني أو أهل الكتاب لا مطلق الكافر ، ولكنهم عمّموا.
ولا بدّ للعامل بالخبرين التزام عدم لزوم النيّة والاكتفاء بصورة الغسل ، لا لأن غسل الميت لا يحتاج إليها كما قيل لما سيجيء ، ولا للاكتفاء بنية الكافر كالعتق ، لعدم اعتقاده الأمر به لو فرض اعتقاده بالله أيضاً ، فلا يتحقّق الامتثال عرفاً.
وكذلك لا بدّ أن يلتزم عدم لزوم الطهارة حينئذٍ ؛ فتكون الروايتان مخصّصتين لتلك القواعد.
والقول «بأنّ الأمر بالغسل لا يستلزم المباشرة للماء والبدن فيجمع بينهما وبين
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٥٩ ح ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٥ ح ٤٣٦ ـ ٤٤٠ ، التهذيب ١ : ٣٤٠ ح ٩٩٧ ، الوسائل ٢ : ٧٠٤ أبواب غسل الميّت ب ١٩ ح ١.
(٢) التهذيب ١ : ٤٤٢ ح ١٤٣٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ ح ٧١٨ ، الوسائل ٢ : ٧١٠ أبواب غسل الميّت ب ٢٢ ح ٤.
(٣) المعتبر ١ : ٣٢٦ ، وضعف سند الاولى باشتماله على بعض الفطحيّة على مبنى المحقّق ، والثانية باشتماله على بعض العامّة كالحسين بن علوان ، وبعض الزيدية كالراوي على مبناه ، وإلّا فالكلّ ثقات.
(٤) الذكرى : ٣٩.