بانتفاء كلّ من جزأيها.
والتحقيق أنّه لإبقاء للجنس بعد انتفاء الفصل ، فلا يمكن التمسّك بالاستصحاب ، وليس ذلك مثل الأجزاء الخارجية كالأقطع الذي يجب عليه الوضوء ، مع أنّ الظاهر أنّ المركبات الخارجية أيضاً مركّبات ذهنيّة ، فإنّ اليد مثلاً هي جارحة مركّبة من أجزاء معيّنة ، وبانتفاء كلّ منها تنتفي اليد ، والحكم ثمّة لدليل آخر.
نعم يتمّ الكلام في المأمور به المتعدّد ، وعليه يبتني حكم لزوم المقدور من الأغسال الثلاثة لو تعذّر الجميع ، وقد عرفت الإشكال فيه أيضاً.
وقد يستدلّ عليه بقوله عليهالسلام : «إذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم» (١) والميسور لا يسقط بالمعسور(٢) وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه (٣).
وفيه أيضاً بحث ، فإنّ الظاهر أنّ المراد من كلمة «من» بعض الأفراد لا الأجزاء ، وكذلك لا بدّ من تقدير هذه الكلمة في الروايتين الأخيرتين ، واستعمالها في المعنيين لا يمكن على التحقيق ، وإرادة عموم المجاز يحتاج إلى القرينة.
واستدلّ في الذخيرة باستصحاب شغل الذمّة اليقينيّة المستدعية لبراءة الذمة اليقينية (٤) ، وهو ممنوع ، لأن القدر المسلّم من الاشتغال هو بما لم يكن خارجاً من الأمرين ، لا الشيء المجمل في الظاهر المطلوب منه شيء واقعي حتّى يلزم الإتيان بما يوجب اليقين ، وأصل البراءة يقتضي العدم.
وإذا تعذّر أحد الأغسال ففي وجوب التيمّم عنه قولان ناظران إلى كون المجموع غسلاً واحداً أو كلّ منها ، والتحقيق أنّ المعنيين كلاهما بحسب النظر الظاهر موجبان
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٥ ح ٤١٢.
(٢) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.
(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٧.
(٤) الذخيرة : ٨٣.