ثمّ إنّ الإشكال في أن الأولويّة هل هي في مطلق الصلاة أو الإمامة والمأموميّة أيضاً؟ إطلاق الروايتين يقتضي الأوّل ، وظاهر كثير من الأصحاب (١) وصريح بعضهم (٢) الثاني ، ولا تبعد استفادته من رواية السكوني في تقديم سلطان حضر من سلطان الله إن قدّمه وليّ الميّت (٣) ، وكذلك من صحيحة زرارة في إمامة المرأة للنساء إذا لم يكن أحد أولى منها (٤).
والتحقيق أن يقال : الصلاة التي تسقط بها الصلاة على الميت ويسقط الوجوب الكفائي لا بدّ أن تكون بإذن الولي ، سواء كانت في جماعة أو فرادى ، فإن في المصلّين تفاوتاً فاحشاً ربما لا يرضى الولي بإسقاط الصلاة بصلاة من لا يرضى به ، بل يريد أن يصلّي عليه من يحسن ظنّه به ويعتمد صلاحه ، ويكون دعاؤه مظنّة للإجابة ، فلذلك لا يعتنى بشأن المأمومين إذا كان الإمام مرضيّاً ، وكذا لا يعتنى بشأن من يصلّي فرادى بعد انعقاد الجماعة بالإمام المرضيّ له ولم يتمّ بعد ، أو مقارناً لانعقادها ، فالذي يضرّ بمراد الولي هو المنفرد الغير المرضيّ المبتدئ بالصلاة ، والإمام الغير المرضيّ ، ولما كان الغالب في صلاة الجنازة هو الجماعة جعلوا البحث في الإمام أو أطلقوا ، فليفهم ذلك.
ثم بعد اتفاقهم على تقديم الوارث ظاهراً اتّفقوا على تقديم الأب على الابن ، والظاهر أنّه إجماعيّ ، وهو مقتضى تقديم الأمسّ والأشدّ علاقة ، فإنّه أشفق بالولد من الولد.
وكذا الولد على الجدّ ، خلافاً لابن الجنيد (٥) ، حيث قدّمه ، لأنّه أب الأب ، لأنّ
__________________
(١) كالعلامة في التذكرة ٢ : ٤٤ مسألة ١٩٤ حيث قال : إنّما يقدّم الوليّ إذا كان بشرائط الإمامة.
(٢) كالشهيد الثاني في روض الجنان : ٣١١ ، وصاحبي المدارك ٤ : ١٥٦ ، والذخيرة : ٣٣٤.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٦ ح ٤٩٠ ، الوسائل ٢ : ٨٠١ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٣ ح ٤ ، وفيها : إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحقّ بالصلاة عليها إن قدّمه ولي الميّت وإلّا فهو غاصب.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٠٦ ح ٤٨٨ ، وص ٢٦٨ ح ٧٦٦ ، الوسائل ٢ : ٨٠٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٥ ح ١.
(٥) نقله عنه في المختلف ٢ : ٣٠٤.