يجعلهم صفّين كتراصّ البناء لئلّا يلزم الانحراف عن القبلة ، وإن كان ظاهر الرواية أنّه صفّ واحد ، هذا كلامه (١) وفيه موضع تأمّل.
ثمّ إنّه قد ظهر لك مما ذكرنا جواز الصلاة الواحدة على جماعة كثيرة ، والأقوال والأخبار (٢) متطابقة عليه ، ولا إشكال فيه مع اتّحاد الموتى في وجه الصلاة.
أما لو اختلفوا كالطفل ما دون الستّ والرجل مثلاً ، فيشكل من حيث اجتماع المتضادّين ، سيّما مع اشتراط قصد الوجه ، وقد اضطرب كلام أصحابنا في توجيهه ، ولا يرجع شيء منها إلى محصّل ، حيث يقولون بأنّ تعدّد الجهة غير مجدٍ في إمكان اجتماع المتضادّين في الواحد الشخصيّ ، وقد ذكرنا بطلان التوجيهات في كتاب مناهج الأحكام في مبحث تداخل الأغسال ، وأشرنا إليه في هذا الكتاب أيضاً.
والمناص هو القول بعدم استحالة الاجتماع كما حقّقناه في القوانين (٣).
نعم يمكن القول بإمكان إسقاط الفعل الواجب للندب ، كما يسقط غسل الجنابة غسل الجمعة ، بأن يقال : يحصل ثواب الندب له حينئذٍ ، ولكن أين ذلك مما نحن فيه ، فإنّ ما نحن فيه هو قصد الجمع في نيّة واحدة ، لا الإتيان بالواحد ليسقط عن غيره.
ويستحبّ رفع اليدين في التكبير الأوّل إجماعاً ، واختلفوا في البواقي ، فنسب في الذكرى والمدارك المنع إلى الأكثر (٤) ، لرواية غياث بن إبراهيم (٥) ، ورواية إسماعيل بن إسحاق بن أبان الورّاق (٦).
__________________
(١) الذكرى : ٦٣.
(٢) الوسائل ٢ : ٨٠٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٢.
(٣) القوانين : ١٤٠.
(٤) الذكرى : ٦٣ ، المدارك ٤ : ١٧٨.
(٥) التهذيب ٣ : ١٩٤ ح ٤٤٣ ، الاستبصار ١ : ٤٧٩ ح ١٨٥٤ ، الوسائل ٢ : ٧٨٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ٤.
(٦) التهذيب ٣ : ١٩٤ ح ٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧٨ ح ١٨٥٣ ، الوسائل ٢ : ٧٨٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٠ ح ٥.