وأما رواية عمّار وما في معناها فلا تنتهض حجّة على تخصيص تلك العمومات المعتضدة بالأخبار المجوّزة بظاهرها كما سيجيء ، فإما تحمل على الكراهة مع إرادة الصلاة على ميت صلّي عليه كما تشعر به الأخبار المجوّزة ، أو يقال : إنّ المراد منها منع الصلاة أوّلاً على المدفون ، يعني لا يجوز اختيار تقديم الدفن على الصلاة ، ولا تنفي وجوب الصلاة على ميّت دفن بلا صلاة على من لم يحضره حين الدفن أيضاً ، فحاصلها بيان وجوب تقديم الصلاة على الدفن.
وأما الكلام في جواز الصلاة على ميّت صلّي عليه ودفن ؛ فهو أنّ ظاهر أكثر أصحابنا الجواز (١) ، وظاهر العلامة في المختلف العدم ، وجمع بين الأخبار المختلفة في هذا الباب بذلك (٢).
وربما جمع الشيخ بينهما بحمل المانعة على الصلاة ، والمجوّزة على الدعاء (٣).
وقد جمع بينهما أيضاً (٤) هو وغيره من الفقهاء (٥) بحمل المجوّزة على ما لو صلّاها في يوم وليلة ، والمانعة لو صلاها بعد ذلك ، وحدّدها سلّار بثلاثة أيام بينهما (٦) ، ويظهر من الخلاف أنّ به رواية (٧) ، وحدّدها ابن الجنيد بما لم يعلم منه تغيّر صورته (٨).
والحاصل أن فتاوى الأكثرين على الجواز لمن فاتته الصلاة على من صلّي عليه ، مع اختلافهم في التحديدات المذكورة ، واعترف الفاضلان بعدم اطلاعهم على
__________________
(١) منهم الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٣١ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٨٥ ، والخلاف ١ : ٧٢٦ مسألة ٥٤٨ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٣٢ ، والحلّي في السرائر ١ : ٣٦٠.
(٢) المختلف ٢ : ٣٠٥.
(٣) التهذيب ٣ : ٣٢٤ ح ١٠١٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨٤ ح ١٨٧٨ ، ١٨٧٩.
(٤) المبسوط ١ : ١٨٥.
(٥) كالشيخ المفيد في المقنعة : ٣٨ ، وصاحب المدارك ٤ : ١٨٨.
(٦) المراسم : ٨٠.
(٧) الخلاف ١ : ٧٢٦ ، وانظر الوسائل ٢ : ٧٩٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٩.
(٨) نقله عنه في المختلف ٢ : ٣٠٥ ، والذكرى : ٥٥.