وكذا قيل في قوله تعالى : (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(١) : انها زائدة ، غير مفيدة للماضي ، وإلّا ، فأين المعجزة (٢) ، و «صبيّا» على هذا ، حال ، وكذا قولهم : ولدت فاطمة بنت الخرشب (٣) : الكملة من عبس ، لم يوجد ، كان ، مثلهم ؛ وكذا قول الفرزدق :
٧١٢ ـ في لجة غمرت أباك بحورها |
|
في الجاهلية كان والإسلام (٤) |
وأمّا إذا دلّت «كان» على الزمان الماضي ولم تعمل ، نحو : ما كان أحسن زيدا ، وكذا قولهم : انّ من أفضلهم كان ، زيدا ؛ فهي زائدة عند سيبويه (٥) ؛
وقال المبرد : ان «زيدا» اسم إن ، وكان خبرها ، ومن أفضلهم ، خبر كان ، وردّ بأن خبر «إنّ» لا يتقدم على اسمها ، إلا إذا كان ظرفا ؛ ففي تسميتها زائدة ، نظر (٦).
لما ذكرنا : أن الزائد من الكلم عندهم ، لا يفيد إلا محض التأكيد فالأولى أن يقال : سميت زائدة مجازا ، لعدم عملها ، وإنما جاز ألّا تعملها مع أنها غير زائدة ، لأنها كانت تعمل ، لدلالتها على الحدث المطلق ، الذي كان الحدث المقيّد في الخبر يغني عنه ، لا لدلالتها على زمن ماض ، لأن الفعل إنما يطلب الفاعل والمفعول لما يدل عليه من الحدث ، لا للزمان ، فجاز لك أن تجرّدها في بعض المواضع عن ذلك الحدث المطلق ، لإغناء الخبر عنه فإذا جرّدتها لم يبق إلّا الزمان ، وهو لا يطلب مرفوعا ولا منصوبا ، فبقي (٧) كالظرف
__________________
(١) الآية ٢٩ سورة مريم.
(٢) يعني أن اعتبار كان مفيدة لمعنى الماضي أي غير زائدة تضيع معه المعجزة ، لأنه لو لم تكن زائدة لكان المعنى أنّه كلمهم بعد انقضاء فترة الطفولة ؛
(٣) الكملة : جمع كامل. وهو صفة أولاد فاطمة المذكورة. وقد اشتهروا بذلك ؛
(٤) من قصيدة للفرزدق في هجاء جرير وقبله :
وحسبت بحر بني كليب مصدرا |
|
فغرقت حين وقعت في القمقام |
ويروى : وحسبت حبل .. أي ظننت أن ارتباطك بهم ينجيك من هجائي ؛
(٥) نقل ذلك سيبويه عن الخليل في الجزء الأول ص ٢٨٩ ؛
(٦) مبتدأ خبره قوله في تسميتها زائدة. وهذا راجع إلى ما تقدم من القول بزيادتها في مثل ما ذكر ؛
(٧) الحديث عن كان ، وهو قد تحدث عنها من قبل بأسلوب التأنيث ثم قال فبقي ، أي لفظ كان وقد أشرنا من قبل كثيرا إلى أن تذكير الألفاظ وتأنيثها جائز في ذاته باعتبارها ألفاظا أو كلمات ، ولكن الرضي كثيرا ـ