معنى «شيء» ، وشيء ، يصلح للمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث ، ولو ثنيته وجمعته وأنثته ، لتخصص ، بسبب إفادة معنى التثنية والجمع والتأنيث ، والقصد بهذا الضمير : الإبهام ، فما كان أوغل فيه كان أولى ،
وأمّا تمييز هذا الضمير ، فيتصرّف فيه إفرادا وتثنية وجمعا وتأنيثا ، نحو : نعم رجلا أو رجلين ، أو رجالا ، أو امرأة ، أو امرأتين ، أو نسوة ، اتفاقا منهم ، أيضا ؛
وأمّا الضمير في : ربّه رجلا ، فالبصريون يلتزمون إفراده للعلة الثانية المذكورة ، والكوفيون يجعلونه مطابقا لما يقصد ، فيثنونه ، ويجمعونه ، ويؤنثونه ، وليس ما ذهبوا إليه ببعيد لأنه مثل قوله :
ويلمّها روحة (١) ، ويا لها قصة ، ويا لك من ليل (٢) ، وقد تصرّف في الضمير ، كما رأيت ؛
وأمّا تمييز هذا الضمير ، فذهب الجزولي (٣) ، وتبعه من شرح كلامه إلى لزوم إفراده ، والظاهر أنه وهم منهم ، بل تجب مطابقته لما قصد ، عند أهل المصرين ، أمّا عند أهل الكوفة فظاهر ، لأنهم يطابقون بالضمير تمييزه في التثنية والجمع والتذكير والتأنيث ؛ وأما عند أهل البصرة فلأنهم لو التزموا افراده كما التزموا إفراد الضمير ، لجاء اللبس ، إذا قصد المثنى والمجموع ، وقد صرّح ابن مالك ، والمصنف بمطابقته لما قصد ، وهو الحق ؛
ولا يجوز الفصل بين مثل هذا الضمير المبهم وتمييزه ، لشدة احتياجه إليه ، إلا بالظرف ، قال الله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(٤) ، وإذا لم يفصل في نحو : عشرون رجلا ، بين
__________________
(١) إشارة إلى بيت لذي الرمة تقدم في باب التمييز ، في الجزء الثاني ، وهو قوله :
ويلمها روحة والريح معصفة |
|
والغيث مرتجز والليل مرتقب |
(٢) وهذا إشارة إلى بيت من معلقة امرئ القيس تقدم أيضا في باب التمييز وهو قوله :
فيا لك من ليل كأن نجوم |
|
بكل مغار الفتل شدّت بيذيل |
(٣) تقدم ذكره في الأجزاء السابقة ؛
(٤) الآية ٥٠ في سورة الكهف ؛