والأولى في الموضعين كونها بمعناها ، أي : حاصلة في زمرة عبادي ، أو بمعنى : ادخلي أيتها الروح في أجسام عبادي ، والشاعر جعل أثمانها ظرفا للشرب والقمار مجازا ؛
وقولهم : في الله من كل فائت خلف ، أي : في ألطافه ؛ وقولهم : أنت أخي في الله ، أي في رضاء الله ، أي : رضاه تعالى مشتمل على مؤاخاتنا ، لا تخرج عنه إلى الأغراض الدنيويّة ، وكذا قولهم : الحب في الله ، والبغض في الله ؛
قوله : «والباء للإلصاق» ، نحو : به داء ، أي التصق به ، وقولك : مررت به ، أي : ألصقت المرور بمكان يقرب منه ؛
ومنه : أقسمت بك ، وبحياتك أخبرني ، وتكون مستقرّا نحو : الذي به : ضعف ، وبه داء ؛ وتكون للاستعانة نحو : كتبت بالقلم ، وخطت بالابرة ، وبتوفيق الله حججت ، وهذا المعنى مجاز عن الإلصاق ؛
وتكون بمعنى «مع» ، وهي التي يقال لها : باء المصاحبة ، نحو (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ ، وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ)(١) ، واشتر الدار بآلاتها ؛ قيل : ولا تكون بهذا المعنى إلا مستقرّا ، أي : كائنين بالكفر ، وكائنة بآلاتها ، والظاهر أنه لا منع من كونها لغوا ، وتكون للمقابلة نحو : اشتريته به ، وبدّلته به ، وتكون مستقرّا أيضا ، نحو : هذا بذاك ؛
قوله : «وقد تكون للتعدية» ؛ جميع حروف الجر : لتعدية الفعل القاصر عن المفعول ، إليه (٢) ، لكن معنى التعدية المطلقة : أن ينقل (٣) معنى الفعل ، كالهمزة والتضعيف ، ويغيّره ؛
__________________
= والبيت لسبرة بن عمرو الفقعسي من عدة أبيات ، ونقل البغدادي أن بعضهم يفسر نحابي بأنه بمعنى نحبو ، ونعطي ؛
(١) الآية ٦١ سورة المائدة ؛
(٢) متعلق بقوله لتعدية الفعل القاصر ؛
(٣) أي الحرف الذي جيء به للتعدية ؛