وهذا المعنى مختص بالباء من بين حروف الجرّ ، نحو : ذهبت به ، وقمت به ، أي : أذهبته ، وأقمته ، ولا يكون مستقرا ، وما سمعته مقدرا إلا في قراءة (١) من قرأ : «ائتوني زبر الحديد» (٢) ، أي ائتوني بزبر الحديد ؛
قوله : «والظرفية» ، أي بمعنى «في» نحو :
٧٧٢ ـ ما بكاء الكبير بالأطلال |
|
وسؤالي وما ترد سؤالي (٣) |
أي : فيها ، وتكون للسببية ، كقوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا ..)(٤)
وقوله :
٧٧٣ ـ غلب تشذّر بالذحول كأنها |
|
جنّ البديّ رواسيا أقدامها (٥) |
وهي فرع الاستعانة ؛
وقيل : جاءت للتبعيض ، نحو قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(٦) ، قال ابن جنّي (٧) ، ان أهل اللغة لا يعرفون هذا المعنى ، بل يورده الفقهاء ، ومذهبه أنها زائدة ، لأن الفعل يتعدى إلى مجرورها بنفسه ؛
وتجيء بمعنى «من» ، نحو : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ)(٨) ، وبمعنى «عن» نحو :
__________________
(١) قراءة شاذة قرأ بها المفضل وتقدمت في باب المتعدي ؛
(٢) الآية ٩٦ سورة الكهف ؛
(٣) مطلع قصيدة للأعشى ميمون بن قيس ، وبعضهم يعدها هي المعلقة ، ومنها بعض الشواهد في هذا الشرح ؛
(٤) الآية ١٦٠ سورة النساء ؛
(٥) من معلقة لبيد بن ربيعة العامري ، والغلب جمع أغلب أي قوي شديد ، والبديّ واد قالوا ان الجن تسكنه لا تبرحه ، وهو معنى قوله رواسيا اقدامها أي ثابتة لا تبرح ؛ وقوله تشذر بالذحول ، الذحول جمع ذحل وهو الثأر أي أنهم مشتملون على الأضغان يتصاولون بسببها ؛
(٦) من الآية ٦ في سورة المائدة ؛
(٧) أبو الفتح بن جني ممن تكرر ذكرهم في هذا الشرح ؛
(٨) الآية ٦ سورة الدهر ؛