فكأنه قال : (أقسم بالليل والنهار وما خلق) (١) ، أي أقسم بهذه الثلاثة : ان الأمر كذا ، وأيضا ، فانك تقول مصرحا بالعطف : بالله فالله لأفعلن ، وبحياتك ثم حياتك لأفعلن ، ولا تقول : أقسم بالله ، أقسم بالنبي صلّى الله عليه وسلّم لأفعلنّ ، والحمل على ما ثبت في كلامهم أولى ،
واعترض على كون واو العطف ، بلزوم العطف على عاملين ، لأن النهار اذن ، يكون معطوفا على الليل ، (إِذا تَجَلَّى ،) معطوف على : (إِذا يَغْشى ،) والعاطف واحد (٢) ؛
أجاب جار الله (٣) بأن قال : الواو كأنها عوض عن حرف القسم وفعله معا ، وذلك لأنه ، لكثرة ما استعمل في القسم ، لم يستعمل الفعل معه ، فصار ، لمّا لم يجامع الفعل ، كأنه عوض من الفعل ، أيضا ، كما أنه عوض من الحرف ، فقوله : والنهار ، كأنه معطوف على عامل واحد ، هو الواو ؛
قال المصنف : فيلزم على هذا : ألّا يجيز : بالليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ، وقد جاء قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ ، وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ)(٤) ، فقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ ،) وإن لم يكن قبله معمولان ، إلا أنه يكون الواو فيه قائمة مقام أقسم والباء ؛ حتى كأنه يجرّ وينصب ، وهو المحذور ؛
وقال المصنف : إنما جاز هذا ، لأنه مثل : انّ في الدار زيدا والحجرة عمرا ، كما مرّ في باب العطف ؛
وعلى ما قدّمنا في باب الظروف المبنية : ان التقدير : وعظمة الليل (إِذا يَغْشى ،) فالعامل في الليل ، في الحقيقة ، هو العظمة المقدّرة ، وكذا في : (إِذا يَغْشى ،) فيكون الواو قائما
__________________
(١) الآية ٤ في سورة الليل ؛
(٢) انظر بحث العطف على معمولي عاملين في الجزء الثاني ؛
(٣) انظر شرح ابن يعيش على المفصل ج ٨ ص ٣٢ وما بعدها ؛
(٤) الآيات ١٥ ، ١٦ ، ١٧ في سورة التكوير ؛