وإنما أجيب القسم بهما لأنهما مفيدان للتأكيد الذي لأجله جاء القسم ، واللام الداخلة بعد «إنّ» المكسورة ، في الأصل لام الابتداء ، أيضا ، كما يجيء في باب «إنّ» ، فلا؟؟؟ هذه اللام ، أعني لام جواب القسم ، إلا على ما تدخل عليه اللام الواقعة بعد «إنّ» ؛
؟؟؟ ب الكوفيين أن اللام في مثل ، لزيد قائم ، جواب القسم أيضا ، والقسم قبله مقدر ، فعلى هذا ، ليس في الوجود ، عندهم ، لام الابتداء ، قالوا : لأنك تقول : لطعامك زيد آكل ، فقد دخلت على غير المبتدأ ؛
وأجيب بأنها في التقدير داخلة على المبتدأ ؛ وردّ عليهم بنحو : ظننت لزيد قائم ، ولام القسم لا مدخل له بعد «ظننت» المفيد للشك ،
ويجوز أن يعتذروا بأن الظن الغالب قائم مقام العلم ، فهو مثل قولهم : يعلم الله إن زيدا قائم ، بكسر «إن» ، ولهذا قال بعضهم : ان قوله تعالى : (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)(١) : «ظنوا» كالقسم ، و : ما لهم جوابه ، وليس بنصّ ، إذ يحتمل التعليق ؛ بلى ، لو جاء مثل : ظننت لقد فعل ، لكان نصّا في إجراء ظننت مجرى القسم (٢) ؛
ثم نقول : ان الأولى كون اللام في : لزيد قائم : لام الابتداء ، مفيدة للتأكيد ، ولا نقدّر القسم كما فعله الكوفية ، لأن الأصل : عدم التقدير ، والتأكيد المطلوب من القسم : حاصل من اللام ؛
ثم انها لا تجامع حرف النفي ، وإن جاز أن تؤكد الجملة التي في خبرها حرف النفي نحو : لزيد ما هو قائم ، ولا يقال : لما زيد قائم ، وذلك لأن اللام للتقرير والإثبات ، وحرف النفي للرفع والإزالة ، فبينهما في ظاهر الأمر تناف ؛ وأمّا قولك : لزيد ما هو قائم ، وإن زيدا لم يقم ، فإنّ ، واللام : أثبتا نفي مضمون الجملة بلا مجامعة بين الحرفين ؛
__________________
(١) الآية ٤٨ سورة فصلت ؛
(٢) لأنه لا يكون من التعليق بسبب وجود قد بعد اللام ؛