ثم إن لام الابتداء تدخل على المضارع لمشابهته للمبتدأ في كونه أول جزأي الجملة مثله مع مضارعته لمطلق الاسم ؛ قال المتلمس :
٧٩٥ ـ لأورث بعدي سنة يقتدى بها |
|
وأجلو عمى ذي شبهة إن توهّما (١) |
وتدخل على مضارع مصدّر بحرف التنفيس نحو : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ)(٢) ، خلافا للكوفيين ، كما مرّ ؛ ولا تدخل على الماضي وإن كان أوّل جزأي الجملة ، لبعده عن مشابهة الاسم ، فإذا دخله «قد» ، كثر دخول لام الابتداء عليه ، نحو : (لَقَدْ سَمِعَ)(٣) ، و : (وَلَقَدْ آتَيْنا)(٤) ، وذلك لأنها تقرّب الماضي من الحال ، فتصيّر الماضي كالمضارع ، مع تناسب معنى اللام ومعنى «قد» ، لأن في «قد» ، أيضا ، معنى التحقيق والتأكيد ؛
وتدخل ، أيضا ، لام الابتداء ، على خبر المبتدأ ، إذا وقع موقع المبتدأ ، أي تقدّم عليه نحو : لقائم زيد ، ولفي الدار زيد ، وعلى معمول خبر المبتدأ ، أيضا ، إذا وقع موقع المبتدأ ، نحو : لطعامك زيد آكل ، ولفي الدار زيد قائم ، بشرط كون العامل اسما ، كما ذكرنا ؛ أو فعلا مضارعا نحو : لطعامك زيد يأكل ؛ أو ماضيا مع «قد» نحو : لطعامك زيد قد أكل ، ولا يقال : لطعامك زيد أكل ،
ولا تدخل على غير ما ذكرنا ، من حرف الشرط وغيره ؛ وإنما تدخل على نعم وبئس ، وإن كانا في الأصل ماضيين ، بلا «قد» ، لما ذكرنا في بابهما من صيرورتهما بمعنى الاسم ، فقولك : لنعم الرجل زيد ، كقولك : لحسن زيد ؛
__________________
(١) هذا أحد أبيات من قصيدة جيدة من شعر المتلمس كما قال الشارح ، واسمه جرير بن عبد المسيح وكان عمرو بن هند ملك الحيرة سأل خال المتلمس عن نسب المتلمس فأجابه الحارث بما يشكك في نسبه ، وكان لذلك أثره في نفس المتلمس فقال هذه القصيدة التي ضمنها عتابا لخاله وفخرا بأمه حيث يقول :
وهل لي أم غيرها إن ذكرتها |
|
أبى الله إلا أن أكون لها ابنما |
(٢) الآية ٥ سورة الضحى ؛
(٣) الآية ١٨١ سورة آل عمران ؛
(٤) من الآية ١٠ سورة سبأ ؛