وقال بعضهم انها فيمن اسلم قبل الحجرة ، وعلى جميع التقادير فهي لا تفيد الجمهور ، ولا تؤيد ادعائهم من قريب أو بعيد (١).
والآية الثالثة ، نزلت فيمن هاجر من مكة إلى المدينة ، بعد ان هاجر الرسول إليها ، كما جاء في مجمع البيان للطبرسي ، وقد مدحهم الله سبحانه ، لانهم هاجروا من ديارهم واوطانهم في مكة ولحقوا بالرسول (ص) إلى المدينة ، كما مدح من اواهم ونصر الرسول ووصفهم بأنهم المؤمنون حقا ، ولا يعارض احد من المسلمين في ان اولئك بهجرتهم ، وهؤلاء بنصرتهم وتضحياتهم وايثارهم على انفسهم من المرضيين عند الله سبحانه بالنسبة إلى هذا الموقف الذي وفقوه مع النبي (ص) وهذا لا يمنع من صدور المخالفات الكثيرة من بعضهم التي توجب وصفهم بالنفاق أو الارتداد كما نصت على ذلك بعض المرويات ، على ان الصفات التي اشتملت عليها الآية لم تتوفر في جميع الصحابة ، كي تثبت لهم العدالة التي يدعيها الجمهور ، وهكذا الحال بالنسبة إلى الآية من سورة الحشر ، فان ثبوت الفضل للفقراء والمهاجرين ، والذين تلقوهم ونصروهم واثروهم علي انفسهم ، ولمن بايعه بيعة الرضوان ، في مقابل هذه التضحيات ، لا يلزم منه ثبوته لكل من رأى النبي أو روى عنه ولو حديثا ، أو سمع منه كلمة (٢). وقد استدل القائلون بعدالة الصحابة بالاضافة إلى تلك للآيات ببعض المرويات عن الرسول (ص).
فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله (ص) قال : لا تسبوا احدا من اصحابي ، فان احدكم لو انفق مثل احد ذهبا ما ادرك مد احد ولا نصيفه.
وروى الترمذي عنه في صحيحه انه قال : الله الله في اصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن احبهم فبحبي احبهم ، ومن ابغضهم فببغضي
__________________
(١) انظر أحكام القران للجصاص : ج ٣ ص ١٨٠ ومجمع البيان : ج ٣ تفسير سورة التوبة.
(٢) انظر مجمع البيان وغيره من كتب التفسير ج ٥.