ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة من قبل ، وقلبوا لك الامور حتى جاء الحق وظهر امر الله وهم كارهون».
فالآية المذكورة تنص بصراحة إلى ان بين صفوف الصحابة في المدينة وغيرها جماعة كانوا يسرون الغدر والنفاق ، ويتربصون الظروف والمناسبات للفتك بالمسلمين وايقاع الفتنة بهم ، وتضيف الآية إلى ذلك ، ان هؤلاء حتى لو خرجوا معك الجهاد ، لا تستفيدون من خروجهم شيئا يعود عليكم بالخير ، لانهم يبيتون الفتنة والشر لكم وتنص الآية بالاضافة إلى ما ذكرنا ، على ان لهم انصارا بين الذين خرجوا معك يتجسسون عليكم وينقلون إليهم اسراركم «وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين» ، ويستفاد من مجموع ذلك ان النفاق كان متفشيا بين الصحابة والتنظيم السري ، كان يشمل مجموعة ممن تظاهروا بالاسلام واشتركوا في غزوات الرسول ضد المشركين ، وان الغاية منه كانت تستهدف القضاء على الاسلام والرجوع إلى تاليه الاصنام والاوثان ، ولولا ان الله سبحانه قد أحاط تلك الدعوة المباركة بعنايته ، وحفظها من مكرهم ودسائسهم واظهرهم على واقعهم ، لولا ذلك كان من الميسور عليهم القضاء عليها بين عشية وضحاها. ولا احسب ان المتتبع لنصوص القرآن يتردد في هذه الحقيقة.
قال تعالى : «ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني الا في الفتنة سقطوا ، وان جهنم لمحيطة بالكافرين ، ان تصبك حسنة تسؤهم ، وان تصبك سيئة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ، ويتولوا وهم فرحون».
وجاء في تفسير قوله الا في الفتنة سقطوا. انهم وقعوا في العصيان والكفر بمخالفتهم لك ، وتخلفهم عن الجهاد معك.
وقال مخاطبا لهم : «قل انفقوا ضوعا أو كرها لن يقبل منكم انكم