وجاء في مجمع البيان وغيره من كتب التفسير في اسباب نزولها. ان اثني عشر رجلا من المسلمين وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله (ص) عند رجوعه من تبوك. فاخبر الله رسوله بذلك وامره ان يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم ، وكان عمار بن ياسر يقود دابة رسول الله (ص) وحذيفة بن اليمان يسوقها فقال الرسول (ص) لحذيفة : اضرب وجوه رواحلهم فضربها حتى نحاهم. فلما نزل رسول الله (ص) قال لحذيفة : من عرفت من القوم؟ قال لم اعرف منهم احدا : فعدهم رسول الله (ص) باسمائهم واحدا واحدا ، فقال له حذيفة : ألا تبعث إليهم فتقتلهم ، فقال : اكره أن تقول العرب : لما ظفر بأصحابه قتلهم (١).
وقال سبحانه : «يعتذرون اليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من اخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ، ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ، سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم ، فاعرضوا عنهم انهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون».
هذه الآيات نزلت في ثمانين رجلا من الاصحابة قد تخلفوا عن الخروج مع النبي (ص) إلى تبوك ، فلما رجع منها فاتحا جاءوه يعتذرون عن تخلفهم عنه ، فاخبره الله سبحانه بما انطوت عليه ضمائرهم ، ونهاه ان يقبل معذرتهم لعلمه سبحانه بأنهم يسرون غير ما يظهرون ، إلى غير ذلك من الآيات التي اشتملمت عليها هذه السورة وغيرها كالحشر والمنافقين والانفال والاحزاب وغير ذلك من السور التي قلما تخلومن ذكرهم والتحذير من غدرهم ودسائسهم في داخل المدينة وخارجها.
ومما يلتفت النظر ان المتآمرين قد انتشروا داخل المدينة وخارجها ،
__________________
(١) انظر مجمع البيان ج / ٣ ص ٤٦ ، وقيل انها نزلت فيمن كان يسخر منه ويهزامن اخباره وتصرفاته.