الاعتدال لئلّا يؤدّي الخماسي الى الثّقل ، والثنائي الى الضعف عن قبول ما يتطرّق اليه من التغييرات الكثيرة ، ولم يمنع الخماسي في الاسم حطّاً لرتبة الفعل عن رتبته ، ولكونه اثقل من الاسم لدلالته على الحدث والزمان والفاعل ، لا يقال هذا التقسيم تقسيم الشيء الى نفسه والى غيره لانَّ مورد القسمة فعل وكلّ فعل إمّا ثلاثي وإمّا رباعي فمورد القسمة ايضاً أحدهما وايّا ما كان يكون تقسيمه الى الثلاثيّ والرباعيّ تقسيماً للشيء الى نفسه والى غيره لأنّا نقول : الفعل الذي هو مورد القسمة أعمّ من الثلاثي والرباعي ، فانّ المراد به مطلق الفعل من غير نظر الى كونه على ثلاثة احرف أو اربعة ، وهكذا جميع التقسيمات.
وتحقيق ذلك :
أنّ مورد القسمة هو مفهوم الفعل لا ما صدق عليه مفهوم الفعل والمحكوم عليه في قولنا : كل فعل إمّا ثلاثي وامّا رباعي ما يصدق عليه مفهوم الفعل لا نفس مفهومه فلا يلزم النتيجة [ وكلّ واحد منهما ] أي من الثّلاثي والرباعي [ إمّا مجرّد أو مزيد فيه ] لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون باقيا على حروفه الاصليّة أولا ، فالاوّل المجرّد ، والثاني المزيد فيه ، وكلّ واحد منهما أي من هذه الاربعة امّا سالم أو غير سالم لانّه إن خَلَتْ اُصوله عن حروف العلّة والهمزة والتضعيف فسالم وإلّا فغير سالم ، فصارت الاقسام ثمانية ، والامثلة : نَصَرَ ووَعَدَ واَكْرَمَ واوعد ودَحْرَجَ
وزَلْزَلَ وتَدَحْرَجَ وتَزَلْزَلَ [ ونعني ] في صناعة التصريف [ بالسالم ما سَلمت حروفه الاصليّة الّتي تقابل بالفاء والعين واللام من حروف العلّة ] وهي الواو والياء والألف [ والهمزة والتضعيف ] وإنما قيّد الحروف بالاصلية ليخرج عنه ، نحو : مِسْتُ وظِلْتُ بحذف أحد حرفي التضعيف فإنّه غير سالم لوجود التضعيف في الاصل وكذا ، نحو : قُل وبِعْ وامثال ذلك وليدخل فيه ، نحو : اَكْرَمَ واعشوشب واحمارّ ، فإنّها من السّالم لخلوّ اُصولها