قال : والإعراب هو اختلاف آخر الكلمة باختلاف العوامل لفظاً أو تقديراً ، واختلاف آخر الكلمة إمّا بالحركات نحو : جاءني زيدٌ ، ورأيت زيداً ، ومررت بزيدٍ ، وإمّا بالحروف وذلك في الأسماء الستّة مضافة إلى غير ياء المتكلّم وهي : «أبوه وأخوه وهنوه وحموها وفوه وذو مال» ، تقول : جاءني أبوه ، ورأيت أباه ، ومررت بأبيه ، وكذلك البواقي.
أقول : لمّا بيّن المعرب أراد أن يبيّن ما بسببه يصير المعرب معرباً أعني الإعراب ، وهو اختلاف آخر الكلمة ـ اسماً كانت أو فعلاً ـ باختلاف العوامل في أوّلها ، فاحترز بالآخر عن الأوّل والوسط فإنّ اختلافهما لا يسمّى إعراباً كرجل ورُجَيْل ورجال وباختلاف العوامل احترز عن اختلاف آخر لا بالعامل نحو : مَنْ ضَرَبَ ، ومَنْ الضارب ، ومَنْ ابنُك.
وإنّما اختصّ الإعراب باختلاف آخر الكلمة لأنّ اختلاف الأوّل والوسط دليل على وزن الكلمة ، فلا يصير دليلاً لشيء آخر ، واختلاف آخر الكلمة إمّا بالحركات كاختلاف زيد في نحو : جاءني زيدٌ ، ورأيت زيداً ، ومررت بزيد ، وأمّا بالحروف وذلك في أربعة مواضع :
الموضع الأوّل
: في ستّة أسماء سَمّتها العرب بالأسماء الستّة إذا كانت مضافة إلى غير ياء المتكلّم ، وتلك الأسماء : «أبوه وأخوه وهنوه وحموها وفوه وذو مال» فتقول في بيان اختلافها بالحروف نحو : جاءني أبوه ، ورأيت أباه ، ومررت بأبيه فآخر الأب يختلف لكن لا بالحركات بل بالحروف أعني الواو في الرفع ، والألف في النصب ، والياء في الجرّ ، وكذلك تقول في البواقي نحو : أخوه أخاه أخيه ، وحموها حماها حميها ، وهنوه هناه هنيه ، وفوه فاه فيه ، وذو مال ذا مال ذي مال وإنّما أُعربت هذه الأسماء بالحروف لأنّها ثقيلة بسبب تعدّد يقتضيه تحقّق معانيها إذ الأب ـ مثلاً ـ إنّما يتصوّر بعد تصوّر من له الإبن مَعَ أنّ أواخرها حروف تصلح أن تكون