لنفسه ، وعاد إلى الخليفة المستعصم وقال : إنّ هولاكو يبقيك في الخلافة كما فعل بسلطان الروم ، فخرج إليه المستعصم في جمع من أكابر أصحابه ، وأنزل في خيمته ، ثمّ استدعى الوزير الفقهاء والأماثل ، فاجتمع هناك جميع سادات بغداد والمدرّسون ، وكان منهم محي الدين ابن الجوزي وأولاده ، وكذلك بقي يخرج إلى التتر طائفة بعد طائفة ، فلمّا تكاملوا قتلهم التتر عن آخرهم ، ثمّ مدّوا الجسر وعدا باجو ومن معه ، وبذلوا السيف في بغداد ، وهجموا على دار الخلافة وقتلوا كلّ من كان فيها من الأشراف ، ولم يسلم إلاّ من كان صغيراً ، فأُخذ أسيراً ، ودام القتل والنهب في بغداد نحو أربعين يوماً ، ثمّ نودي بالأمان.
أمّا الخليفة فإنّهم قتلوه ، ولم يقع الاطّلاع على كيفيّة قتله ، فقيل خنق ، وقيل وضع في عدل ورفسوه حتّى مات ، وقيل غرق في دجلة ، والله أعلم بحقيقة ذلك ، وكان المستعصم ضعيف الرأي ، قد غلب عليه أُمراء دولته لسوء تدبيره ، وهو آخر الخلفاء العبّاسيّين (١).
ولا ذكر لخواجه نصير الدين الطوسي أبداً ، وأمّا ما ذكر عن ابن
__________________
(١) المختصر في أحوال البشر ٣ / ١٩٣ ـ ١٩٤.