قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ)
[١٧٨٨٤] عن السدى رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس السنة والسنتين ، والشهر والشهرين ، وأقل من ذلك وأكثر ، ويدخل طعامه وشرابه ، فأدخله في المرة التي مات فيها ، وكان بدئ ذلك أنه لم يكن يوما يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة ، فيأتيها فيسألها ما اسمك؟ فتقول الشجرة اسمي كذا وكذا ... فيقول لها : لأي شيء نبت؟ فتقول : نبت لكذا وكذا ... فيأمر بها فتقطع. فإن كانت نبتت لغرس غرسها ، وإن كانت نبتت دواء قالت : نبت دواء لكذا وكذا ... فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها : لأي شيء نبت؟ قالت : نبت لخراب هذا المسجد ، فقال سليمان عليه السلام : ما كان الله ليخربه وأنا حي! أنت الذي على وجهك هلاكي ، وخراب بيت المقدس ، فنزعها فغرسها في حائط له ، ثم دخل المحراب ، فقام يصلي متكئا على عصا ، فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك ، وهم يعملون له مخافة أن يخرج فيعاقبهم.
وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون ، وكان المحراب له كوا من بين يديه ومن خلفه ، وكان الشيطان المريد الذي يريد ان يخلع يقول : ألست جليدا؟ إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب ، فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر ، فدخل شيطان من أولئك ، فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان إلا احترق ، فمر ولم يسمع صوت سليمان ، ثم رجع فلم يسمع صوته ، ثم عاد فلم يسمع ، ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق ، ونظر الى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس : ان سليمان قد مات ، ففتحوا عنه فأخرجوه ، فوجدوا منسأته ـ وهي العصا بلسان الحبشة ـ قد أكلتها الأرض ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها يوم وليلة ثم حسبوا على نحو ذلك فوجدوا قد مات منذ سنة وهي في قراءة ابن مسعود «فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا» فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبون ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام ، ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له ، ثم ان الشياطين قالوا للأرضة : لو كنتي تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام ولو كنت