والقول بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم ، بل زيادة الاسم لم تثبت ، وأما (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) فقد يشهد للقائل بزيادة «مثل» فيها قراءة ابن عبّاس (بما آمنتم به) وقد تؤوّلت قراءة الجماعة على زيادة الباء فى [المفعول] المطلق أى إيمانا مثل إيمانكم به ، أى بالله سبحانه ، أو بمحمد عليه الصلاة والسّلام ، أو بالقرآن ، وقيل : مثل للقرآن ، وما للتوراة ، أى فإن آمنوا بكتابكم كما آمنتم بكتابهم ، وفى الآية الأولى قول ثالث ، وهو أن الكاف ومثلا لا رائد منهما ، ثم اختلف ، فقيل : مثل بمعنى الذات ، وقيل : بمعنى الصفة ، وقيل : الكاف اسم مؤكد بمثل ، كما عكس ذلك من قال :
٢٩٥ ـ [ولعبت طير بهم أبابيل] |
|
فصيّروا مثل كعصف مأكول |
وأما الكاف الاسمية الجارة فمرادفة لمثل ، ولا تقع كذلك عند سيبويه والمحققين إلا فى الضرورة ، كقوله :
٢٩٦ ـ [بيض ثلاث كنعاج جمّ] |
|
يضحكن عن كالبرد المنهمّ |
وقال كثير منهم الأخفش والفارسى : يجوز فى الاختيار ، فجوزوا فى نحو «زيد كالأسد» أن تكون الكاف فى موضع رفع ، والأسد مخفوضا بالإضافة.
ويقع مثل هذا فى كتب المعربين كثيرا ، قال الزمخشرى فى (فَأَنْفُخُ فِيهِ) : إن الضمير راجع للكاف من (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) أى فأنفخ فى ذلك الشىء المماثل فيصير كسائر الطيور ، انتهى.
ووقع مثل ذلك فى كلام غيره ، ولو كان كما زعموا لسمع فى الكلام مثل «مررت بكالأسد».
وتتعين الحرفية فى موضعين (١) ؛ أحدهما : أن تكون زائدة ، خلافا لمن أجاز زيادة الأسماء ، والثانى : أن تقع هى ومخفوضها صلة كقوله :
__________________
(١) إنما تتعين فى الموضع الأول عند الذين لا يجيزون زيادة الاسم ، وتتعين فى الثانى لأنها لو كانت اسما لما صلح لأن يكون صلة ، لأنه حينئذ مفرد ، والصلة لا تكون إلا جملة