وفيه شاهد ثان ، وهو فتح الهمزة ، وثالث وهو الإبدال ، ونقل ابن عصفور الإجماع على أن إمّا الثانية غير عاطفة كالأولى ، قال : وإنما ذكروها فى باب العطف لمصاحبتها لحرفه ، وزعم بعضهم أن إمّا عطفت الاسم على الاسم ، والواو عطفت إمّا على إمّا ، وعطف الحرف على الحرف غريب ، ولا خلاف أن إمّا الأولى غير عاطفة ؛ لاعتراضها بين العامل والمعمول فى نحو «قام إمّا زيد وإمّا عمرو» وبين أحد معمولى العامل ومعموله الآخر فى نحو «رأيت إمّا زيدا وإمّا عمرا» وبين المبدل منه وبدله نحو قوله تعالى (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) فإن ما بعد الأولى بدل مما قبلها.
ولإمّا خمسة معان :
أحدها : الشك ، نحو «جاءنى إمّا زيد وإمّا عمرو» إذا لم تعلم الجائى منهما.
والثانى : الإبهام ، نحو (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).
والثالث : التخيير ، نحو (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) ووهم ابن الشّجرى ؛ فجعل من ذلك (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).
والرابع : الإباحة ، نحو «تعلّم إما فقها وإما نحوا» و «جالس إما الحسن وإما ابن سيرين» ونازع فى ثبوت هذا المعنى لإمّا جماعة مع إثباتهم إياه لأو.
والخامس : التفصيل ، نحو (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) وانتصابهما على هذا على الحال المقدّرة ، وأجاز الكوفيون كون إمّا هذه هى إن الشرطية وما الزائدة ، قال مكى : ولا يجيز البصريون أن يلى الاسم أداة الشرط حتى يكون بعده فعل يفسّره ، نحو (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ) وردّ عليه ابن الشجرى بأنّ المضمر هنا كان ؛ فهو بمنزلة قوله :