أحدها : أن تستعمل بمعنى أو ، وذلك على ثلاثة أقسام ؛ أحدها : أن تكون بمعناها فى التقسيم كقولك «الكلمة اسم وفعل وحرف» وقوله :
*كما النّاس مجروم عليه وجارم* [٩٥]
وممن ذكر ذلك ابن مالك فى التحفة ، والصواب أنها فى ذلك على معناها الأصلى ؛ إذ الأنواع مجتمعة فى الدخول تحت الجنس ، ولو كانت «أو» هى الأصل فى التقسيم لكان استعمالها فيه أكثر من استعمال الواو.
والثانى : أن تكون بمعنى (١) أو فى الإباحة ، قاله الزمخشرى ، وزعم أنه يقال «جالس الحسن وابن سيرين» أى أحدهما ، وأنه لهذا قيل (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) بعد ذكر ثلاثة وسبعة ، لئلا يتوهم إرادة الإباحة ، والمعروف من كلام النحويين أنه لو قيل «جالس الحسن وابن سيرين» كان أمرا بمجالسة كل منهما ، وجعلوا ذلك فرقا بين العطف بالواو والعطف بأو.
والثالث : أن تكون بمعناها فى التخيير ، قاله بعضهم فى قوله :
٥٨٠ ـ وقالوا : نأت فاختر لها الصّبر والبكا |
|
فقلت : البكا أشفى إذا لغليلى |
قال : معناه أو البكاء ، إذ لا يجتمع مع الصبر. ونقول : يحتمل أن [يكون] الأصل فاختر من الصبر والبكاء ، أى أحدهما ، ثم حذف من كما فى (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) ويؤيده أن أبا على القالى رواه بمن ، وقال الشاطبى رحمهالله فى باب البسملة «وصل واسكتا» فقال شارحو كلامه : المراد التخيير ، ثم قال محققوهم : ليس ذلك من قبل الواو ، بل من جهة أن المعنى وصل إن شئت واسكتن إن شئت ، وقال أبو شامة : وزعم بعضهم أن الواو تأتى للتخيير مجازا.
والثانى : أن تكون بمعنى باء الجر كقولهم «أنت أعلم ومالك» و «بعت الشّاء شاة ودرهما» قاله جماعة ، وهو ظاهر.
__________________
(١) فى نسخة «أن تكون بمعناها»