تقدر فى أحدهما ضميرا مستترا راجعا إليه ، وهذا من غرائب العربية ، أعنى وجوب استتار الضمير فى فعل الغائبين ، ويجوز كون (كَثِيرٌ) مبتدأ وما قبله خبرا ، وكونه بدلا من الواو الأولى مثل «اللهمّ صلّ عليه الرؤوف الرحيم» فالواو الثانية حينئذ عائدة على متقدم رتبة ، ولا يجوز العكس ، لأن الأولى حينئذ لا مفسّر لها.
ومنع أبو حيان أن يقال على هذه اللغة «جاءونى من جاءك» لأنها لم تسمع إلا مع ما لفظه جمع ، وأقول : إذا كان سبب دخولها بيان أنّ الفاعل الآتى جمع كان لحاقها هنا أولى ، لأن الجمعية خفية
وقد أوجب الجميع علامة التأنيث فى «قامت هند» كما أوجبوها فى «قامت امرأة» وأجازوها فى «غلت القدر ، وانكسرت القوس» كما أجازوها فى «طلعت الشّمس ، ونفعت الموعظة».
وجوز الزمخشرى فى (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) كون (مَنِ) فاعلا والواو علامة.
وإذا قيل «جاؤا زيد وعمرو وبكر» لم يجز عند ابن هشام (١) أن يكون من هذه اللغة ، وكذا تقول فى «جاآ زيد وعمرو» وقول غيره أولى ، لما بينا من أن المراد بيان المعنى ، وقد ردّ عليه بقوله :
٥٩١ ـ [تولى قتال المارقين بنفسه] |
|
وقد أسلماه مبعد وحميم [ص ٣٧١] |
وليس بشىء ؛ لأنه إنما يمنع التخريج لا التركيب ، ويجب القطع بامتناعها فى نحو «قام زيد أو عمرو» لأن القائم واحد ، بخلاف «قام أخواك أو غلاماك» لأنه اثنان ، وكذلك تمتنع فى «قام أخواك أو زيد» وأما قوله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) فمن زعم أنه من ذلك فهو غالط ، بل الألف ضمير الوالدين فى (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) وأحدهما أو كلاهما بتقدير يبلغه أحدهما
__________________
(١) هو ابن هشام الحضراوى.