فإن قلت : اجعلها حالا مقدرة ، أى وحفظا من كل شيطان مارد مقدّرا عدم سماعه ، أى بعد الحفظ.
قلت : الذى يقدّر وجود معنى الحال هو صاحبها ، كالممرور به فى قولك «مررت برجل معه صقر صائدا به غدا» أى مقدرا حال المرور به أن يصيد به غدا ، والشياطين لا يقدرون عدم السماع ولا يريدونه.
الثانى : (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) بعد قوله تعالى (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) فإنه [ربما [يتبادر إلى الذهن أنه محكى بالقول ، وليس كذلك ، لأن ذلك ليس مقولا لهم.
الثالث : (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) بعد قوله تعالى (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) وهى كالتى قبلها ، وفى جمال القراء للسخاوى أن الوقف على قولهم فى الآيتين واجب ، والصواب أنه ليس فى جميع القرآن وقف واجب.
الرابع : (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ) لأن إعادة الخلق لم تقع بعد فيقرروا برؤيتها ، ويؤيد الاستئناف فيه قوله تعالى على عقب ذلك (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ).
الخامس : زعم أبو حاتم أن من ذلك (تُثِيرُ الْأَرْضَ) فقال : الوقف على (ذَلُولٌ) جيد ، ثم يبتدىء (تُثِيرُ الْأَرْضَ) على الاستئناف ، وردّه أبو البقاء بأن (وَلا) إنما تعطف على النفى ، وبأنها لو أثارت الأرض كانت ذلولا. ويردّ اعتراضه الأول صحة «مررت برجل يصلى ولا يلتفت» والثانى أن أبا حاتم زعم أن ذلك من عجائب هذه البقرة ، وإنما وجه الرد أن الخبر لم يأت بأن ذلك من عجائبها ، وبأنهم إنما كلفوا بأمر موجود ، لا بأمر خارق للعادة ، وبأنه كان يجب تكرار «لا» فى «ذلول» إذ لا يقال «مررت برجل لا شاعر» حتى تقول «ولا كاتب» لا يقال قد تكررت بقوله تعالى (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) لأن ذلك واقع بعد الاستئناف على زعمه.
التنبيه الثانى : قد يحتمل اللفظ الاستئناف وغيره ، وهو نوعان :