حديث ابن عباس أيضاً قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا أُسرِيَ به إلى السماء، انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور ، وهو قول الله عز وجل : (خلق الظلمات والنور). فلمّا انتهى به إلى ذلك النهر ، قال له جبرئيل : يا محمد ، اعبر على بركة الله ، فقد نوَّر الله لك بصرك ومدَّ لك أمامك ، فإن هذا نهر لم يعبره أحد ؛ لا ملك مقرَّب ولا نبي مرسل ، غير أن لي في كل يوم إغتماسة فيه ، ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي. فليس من قطرة تَقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكاً مقرباً له عشرون ألف وجه ، وأربعون ألف لسان ؛ كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر.
فعبر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى الحجب. والحجب خمسمائة حجاب ، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام.
ثم قال : تقدَّم يا محمد.
فقال له : يا جبرئيل ، ولِمَ لا تكون معي؟
قال : ليس لي أن أجوز هذا المكان.
فقتدَّم رسول الله صلى الله عليه وآله ما شاء الله أن يتقدَّم ، حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى : أنا المحمود وأنت محمد ، شققتُ إسمك من إسمي. فمن وصلك وصلتُه ، ومن قطعك بتكته. انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إيّاك ، واني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيراً ، وأنك رسولي وعلى وزيرك ١.
حديث عبد الله بن الفضل ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه الكرام عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنه قال :
__________________
١. بحار الأنوار : ج ١٨ ص ٣٣٨ ب ٣ ح ٤٠.