حديث الديلمي المفصَّل ، الذي نجعله مسك الختام لأحاديث معراج خير الأنام صلى الله عليه وآله ، المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال :
إن النبي صلى الله عليه وآله سأل ربه سبحانه ليلة المعراج فقال : يا رب ، أيُّ الأعمال أفضل؟
فقال الله عز وجل : ليس شيء عندي أفضل من التوكل علَّ ، والرضا بما قسمتُ.
يا محمد ، وجبت محبتي للمتحابِّين فيَّ ، ووجبت محبتي للمتعاطفين فيَّ ، ووجبت محبتي للمتواصلين فيَّ ، ووجبت محبتي للمتوكلين عليَّ ، وليس لمحبتي عَلَم ولا غاية ولا نهاية ١. وكلَّما رفعت لهم علماً وضعت لهم علماً. أولئك الذين نظروا إلى المخلوقين بنظري إليهم ، ولا يرفعوا الحوائج إلى الخلق. بطونهم من أكل الحلال ، نعيمهم في الدنيا ذكري ومحبّتي ورضاي عنهم.
يا أحمد ، إن أحببت أن تكون أورع الناس ، فازهَد في الدنيا وارغَب في الآخرة.
فقال : يا إلهي ، كيف أزد في الدنيا وأرغب في الآخرة؟
قال : خذ من الدنيا خِفّاً ٢ من الطعام والشراب واللباس ، ولا تدَّخر لِغَد ، ودُم على ذكري.
فقال : يا رب ، وكيف أدوم على ذكرك؟
فقال : بالخلوة عن الناس ، وبغضك الحلو والحامض ، وفراغ بطنك وبيتك من الدنيا.
يا أحمد ، فاحذَر أن تكون مثل الصبي ؛ إذا نظر إلى الأخضر والأصفر أحبَّه وإذا أُعطي شيء من الحلو والحامض اغترَّ به.
فقال : يا رب ، دُلَّني على عمل أتقرَّب به إليك.
قال : اجعل ليلك نهاراً ، ونهارك ليلاً.
قال : يارب ، كيف ذلك؟
__________________
١. بيان يستفاد منه عدم المحدودية.
٢. بكسر الخاء بمعنى الخفيف.