قوله تعالى : (إذ يُرِيكَهم الله في مَنامك قليلاً) ١.
فمع عدم وجود القرينة الصارفة في آية الإسراء ، تَكون الرؤية ظاهرة في الرؤية العينيَّة التي تكون بالبصر ، الذي هو في الجسد.
قوله تعالى في آية الإسراء الأخرى في سورة النجم ، المبيِّنة لمعراجه صلى الله عليه وآله ؛ فقد ورد فيها : (ما زاغ البَصَر وما طَغى * لقد رأى مِن آيات ربه الكبرى) ٢.
وهو لا يناسب رؤيا النوم إطلاقاً ، بل هو صريح في رؤية البصر حقيقة ، وأنها كانت رؤية بصريَّة صحيحة لم يكن فيها زيغٌ وميل ، ولا طغيان وتجاوز. فرأى من آيات ربه الكبرى.
وبديهيٌّ أن البصر يكون في الجسد ، فيلزم أن يكون العروج بالجسد ، لتكون الرؤية بالبصر. فلا يصحُّ بوجه أن يقال بكون المعراج بغير البدن.
إنه لو كان معراجه صلى الله عليه وآله في الرؤيا ، لم يكن مجال أو مناسبة لتكذيب المشركين له ، واستنكارهم سير هذه المسافة الطويلة ؛ بين مكة والمسجد الأقصى في ليلة واحدة. فإن رؤيا البلدان وقاصي المكان في الأحلام والمنام أمر طبيعي لا يستنكره أحد ولا يَستبعده أيُّ شخص.
وقد استنكر المشركون معراجه ومسير عروجه حين بيانه صلى الله عليه وآله له ، كما تلاحظه في تفاسير كلا الفريقين الخاصة والعامة.
فقد جاء في مجمع البيان عن النبي صلى الله عليه وآله :
«... فلما أصبحتُ، حدَّثت به الناس. فكذَّبني أبو جهل والمشركون ؛ وقال مطعم بن
__________________
١. سورة الأنفال:الآية ٤٣.
٢. سورة النجم : الآيتان ١٧ ، ١٨.