بيت المقدس ، فطفق ينظر إليه وينعته لهم.
فقالوا : أما النعت فقد أصاب ، فقالوا : أخبِرنا عن عيرنا؟ فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها ، وقال : تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس ، يقدمها جملٌ أورق.
فخرجوا يشتدُّون ذلك اليوم نحو الثنيَّة. فقال قائل منهم : هذه والله الشمس قد شرقت. فقال آخر : هذه والله العير قد أقبلت ، يقدمها جمل أورق كما قال محمد.
ثم لم يؤمنوا وقالوا : ما هذا إلا سحر مبين» ١.
فتكذيب المشركين وتعجبهم واستنكارهم قرينة على أن بيان معراجه صلى الله عليه وآله كان بعروج جسمه مع الروح ، لا بروحه ، أو في نومه الذي لا عجب فيه.
أن أحاديث المعراج المتواترة والمتفق عليها بين الجميع ـ كما يأتي ذكرها وتفصيل بيانها ـ مليئة بقرائن معراجه صلى الله عليه وآله ببدنه الشريف وجسمه المقدس.
وذلك للتصريح بمثل ركونه البُراق ، وتوضُّؤه للصلاة ، وصلاته بالأنبياء ، واقتدوا الأنبياء به ، ورؤيته بحر النور ببصره ، ورفع رأسه لرؤية الحُجُب ، وغير ذلك مما يكون بالبدن وأعضاء الجسم وفي عالم اليقظة ، لا بخصوص الروح أو في عالم المنام.
إنه تطابق الظاهر القرآني والظاهر الروائي على المعراج الجسماني ، ولم تُوجَد قرينة أو دلالة على المعراج بالروح فقط حتى تُحمَل عليه.
والأدلة المتظافرة الأتية على المعراج لا قرينة لها ـ مقاليَّة أو حالية ـ على كون المعراج روحياً أو مناميّاً حتى يستظهر ذلك المعنى. وعدم الوجدان في مورد الوجدان دليل على عدم الوجود.
__________________
١. تفسير الكشّاف : ج ٢ ص ٦٤٧.