لمحمد صلى الله عليه وآله قلبه وقوى له بصره ، حتى رأى من آيات ربه ما رأى. وذلك قول الله عز وجل : (ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى) ؛ يعني الموافاة. فرأى محمد صلى الله عليه وآله ما رأى ببصره من آيات ربه الكبرى ؛ يعني أكبر الآيات.
قال أبو جعفر عليه السلام :
وإن غُلظ السدرة بمسيرة مائة عام من أيام الدنيا ، وإن الورقة منها تغطي أهل الدنيا. وإن الله تعالى ملائكة وكَّلهم بنبات الأرض من الشجر والنخل. فليس من شجرة ولا نخلة إلا ومعها ملك من الله تعالى ، يحفظها وما كان فيها. ولو لا أن معها من يمنعها ، لأكلها السباع وهوام الأرض إذا كان فيها ثمرها.
قال : وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاه تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت ، لمكان الملائكة الموكَّلين بها. ولذلك يكون للشجرة والنخل أنساً إذا كان فيه حمله ، لأن الملائكة تحضره ١.
«عندها جنة المأوى» ، أي عند سدرة المنتهى جنة المأوى ، التي يأوي إليها المتقون.
في التبيان :
«هي جنة الخُلد ، وهي في السماء السابعة» ٢.
وجاء في الحديث ذِكر جنة المأوى ، وأنها هي التي في وسطها جنة عَدن. فقد روى عبد الله بن علي ، عن بلال حديثاً مفصلاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، جاء في آخره وصف الجنة وبنائها. من ذلك أنه سأله عبد الله بن علي فقال :
قلت : يرحمك الله ، زِدني وتفضَّل عليَّ فإني فقير.
فقال : يا غلام ، لقد كلَّفتَني شططاً. أما الباب الأعظم ، فيدخل منه العباد الصالحون ، وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلى الله عز وجل ، المستأنِسون به.
قلت : يرحمك الله ، فإذا دخلوا الجنة ، فماذا يَصنعون؟
__________________
١. علل الشرايع : ص ٢٧٧ ح ١.
٢. التبيان في تفسير القرآن : ج ٩ ص ٤٢٦.