.................................................................................................
______________________________________________________
فشرع حدّ الزنا لحفظ النسب ، والقصاص لحفظ النفوس ، وحدّ الردة لحفظ الدين ، وحدّ السرقة لحفظ المال ، وحدّ الشرب لحفظ العقل.
فان قلت : الحكم بكون الخمر يملكها الذمي ، ويضمن له لو أتلفها عليه مسلم ، يدل على عدم تحريمها في الشرع.
قلنا : بل هو من المحرف.
(المقدمة الثالثة) الزنا تغيّب الحشفة من ذكر أصلي يقينا في فرج امرأة أصلي يقينا ، مع علم التحريم ، علما مطابقا لما في نفس الأمر.
فقولنا (قدر الحشفة) ليشمل الحشفة الحقيقية ، والمقدّرة لو كانت الحشفة مقطوعة. وقولنا (من ذكر أصلي) احتراز عن الزائد كالخنثى ، وقولنا (يقينا) احتراز عن ذكر الخنثى المشكل ، فإنه وان لم يعلم أنه زائد لم يعلم أنه أصلي ووجوب الحدّ منوط باليقين ، لقوله عليه السلام : ادرؤا الحدود بالشبهات (١) وقولنا (مع علم التحريم) ليخرج الجاهل بالتحريم ، أو المحرمة ، وقلنا (مطابقا لما في نفس الأمر) احتراز عما لو زنى بامرأة في ظنّه واتفقت محللة له ، بان لا يعلمها ، أو زوّجه الوكيل ، أو اشتراها ولما يعلم ، فإنه لا حدّ عليه ، لأنه ليس بزان في نفس الأمر.
(المقدمة الرابعة) الزنا من أعظم الكبائر قال الله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) (٢) وقال سبحانه (وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (٣) فقد جمع وجوب الحدّ ، والتوعد بالخلود في النار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله
__________________
(١) الفقيه : ج ٤ (١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ الحديث ١٢.
(٢) الاسراء : ٣٢.
(٣) الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩.