واعلم أن جميع العرب ، إلا أهل الحجاز ، يجوّزون كسر حرف المضارعة سوى الياء فى الثلاثى المبنى للفاعل ، إذا كان الماضى على فعل بكسر العين ، فيقولون : أنا إعلم ونحن نعلم وأنت تعلم ، وكذا فى المثال والأجوف والناقص والمضاعف ، نحو إيجل وإخال وإشقى وإعضّ ، والكسرة فى همزة إخال وحده أكثر وأفصح من الفتح ، وإنما كسرت حروف المضارعة تنبيها على كسر عين الماضى ، ولم يكسر الفاء لهذا المعنى ؛ لأن أصله فى المضارع السكون ، ولم يكسر العين لئلا يلتبس يفعل المفتوح بيفعل المكسور ، فلم يبق إلا كسر حروف المضارعة ، ولم يكسروا الياء استثقالا ، إلا إذا كان الفاء واوا ، نحو ييجل ، لاستثقالهم الواو التى بعد الياء المفتوحة وكرهوا قلب الواو ياء من غير كسرة ما قبلها ؛ فأجازوا الكسر مع الواو فى الياء أيضا لتخف الكلمة بانقلاب الواو ياء ، فأما إذا لم يكسروا الياء فبعض العرب يقلب الواو ياء ، نحو ييجل ، وبعضهم يقلبه ألفا لأنه إذا كان القلب بلا علة ظاهرة فإلى الألف التى هى الأخف أولى ، فكسر الياء لينقلب الواو ياء لغة جميع العرب إلا الحجازيين ، وقلبها ياء بلا كسر الياء وقلبها ألفا لغة بعضهم فى كل مثال واوى ، وهى قليلة.
وجميع العرب إلا أهل الحجاز اتفقوا على جواز كسر حرف المضارعة فى أبى ، ياء كان أو غيره ، لأن كسر أوله شاذ ، إذ هو حق ما عين ماضيه مكسور ، وأبى مفتوح العين ، فجرّ أهم الشذوذ على شذوذ آخر وهو كسر الياء (١) ، وأيضا فان
__________________
ثبتت علته فى الأقل ، كحذفهم الواو فى تعدو أعد ونعد ، لحذفهم لها فى يعد ، وكذا حذفوا الهمزة فى يكرم وتكرم ونكرم ، لحذفهم لها فى أكرم»
(١) «أبى» مفتوح العين ، فلم يكن يستحق أن يكسر حرف المضارعة فى مضارعه. إلا أنهم شذوا فيه فكسروا حرف المضارعة الذى يجوز كسره فى غيره وهو الألف والنون والتاء ، ثم استمرءوا طعم الشذوذ فشذوا فوق ذلك بكسر الياء من حروف المضارعة أيضا