المذعنين ـ بأن التعاليم الإسلامية الرفيعة التي انقذت العالم من ذلك الوضع المأساوي لم تكن أبداً وليدة الفكر البشريّ وان نسيم الوحدة ، الناعشة ، ونغمة السلام الّتي يهدف إليه الإسلام ويسعى إلى تحقيقه واقراره في الحياة البشرية ليس لها من مصدر إلا الغيب ، إذ كيف يمكن القول بان الإسلام الّذي يعترف حتّى للحيوانات بحق العيش والحياة نابع من تلك البيئة المغرقة في القسوة والوحشية ، وناشئ من ذلك المحيط المفحم بروح الانتقام والتشفي.
لقد أبطل الإسلامُ جميع تلك المجادلات العقيمة والمناقشات التافهة حول مشيئة عيسى وشخصيته ، وقال في نعته ووصفه : « ما المَسِيحُ بنُ مريمَ إلاّ رسولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْله الرُّسُلُ واُمَّه صِدِّيقةٌ كانا يأكُلان الطّعام » (١).
إن هذه الآية انهت الكثير من أبحاث رجال الكنيسة الباطلة الخاوية حول « الروح » و « المسيح » ودمه ، وشخصيته ، وحقيقته ، كما ان الإسلام بفضل التعاليم الرفيعة ، واحياء السجايا والملكات الفاضلة انقذ البشرية من المنازعات ، الفارغة ، والمذابح الفضيعة.
إن ما دفعَنا إلى دراسة أوضاع الإمبراطورية الرومية هو نفسه يحتم علينا أيضا دراسة اوضاع إيران يومذاك.
لقد صادف ظهورُ الإسلام وبعثة الرسول الكريم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ( ٦١١ ميلادية ) عهد السلطان الإيراني خسرو برويز ( ٥٩٠ ـ ٦٢٨ م ) ، وفي عهد « خسرو برويز » هذا هاجر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة إلى المدينة ( الجمعة ١٦ جولاي ٦٢٢ ) ، وصارت هذه الواقعة مبدء للتاريخ الإسلامي.
في هذه الأَيام كانت الدولتان العظيمتان ( الروم الشرقية وايران
__________________
١ ـ المائدة : ٧٥.