الّذي قال فيه : « وُلدتُ في زمن الملك العادل » ويقصد به انوشيروان (١).
ومن جرائم الملك خسرو برويز ومظالمه المنكرة ما فعله بوزيره الشهير « بزرجمهر » الّذي خدم البلاط الشاهنشاهي الايرانيّ ثلاثة عشر عاماً وكان ذلك موجباً لشهرته في البلاد وحسن صيته بين الناس.
فقد عَمَدَ هذا الملك إلى سجن الوزير المذكور ، والنكاية به ، وقدكتب إلى الوزير المسجون رسالة يقول فيها : إنَّ حظَّك مِنَ العلم والمعرفة أنه عرضك للقتل!!
فاجابه « بزرجمهر » بقوله : « فقد انتفعتُ بعلمي مادام قد حالفني الحظُ ، وحيث عاكسني الآن ، فانّني اصبر وأنتفعُ بصبري ، فإذا فاتني فعلُ خير كثير فانني سعيدٌ لأنَّني لم أرتكب كذلك شرّاً كثيراً وإذا ما سلبني منصب الوزارة فاني في الوقت نفسه قد استرحت كذلك من غم الحيف بالناس ، فلا ابالي بما أنا فيه ».
ولما بلغَت هذه الرسالة إلى الملك « برويز » استشاط غضباً ، وأمر بقطع شفتي الوزير ، وجَدْع أنفه ، وعندما عرف الوزيرُ بهذا الأمر الظالم قال : أجل أن شفتي تستحقان اكثر من هذا.
فسأله خسرو برويز : ولماذا؟ فقال : لأنهما وصفتاك عند العامة والخاصة بما لا تستحق من الأوصاف ، واعطتاك ما ليس فيك من الخصال ، فامالتا اليك القلوب ، ورغَّبتا فيك النفوس ، والافئدة ، وآشاعتا عنك أمجاداً لم تستحقها ، يا اسوأ الملوك وأظلم الحكام ، تقتلني الآن بسوء الظن بعد أن كنت على يقين من وفائي ، وصدقي ، واخلاصي ، وسلامتي ، فمن بعد هذا يأمل في عدلك ، ومن بعد هذا يثق بقولك؟!
__________________
١ ـ راجع في هذا المجال : تذكرة الموضوعات لابن الجوزي ، اللئالي المصوغة في الاحاديث الموضوعة للسيوطي ، وكذا مجمع الزوائد للهيثمي.