فازداد « خسرو برويز » لسماع هذه الكلمات الساخنة غضباً على غضب ، وأمر من فوره بقتل الوزير ، فضرب عنقه في التوّ (١).
وتلك هي معاملة ذلك الملك الموصوف زوراً بالعادل مع اقرب مقربيه ، واكثر معاونيه إخلاصاً ، ووفاء له فكيف كانت تُرى معاملته مع سائر أفراد الرعية وبقية أفراد الشعب؟؟
لقد اتخذ الحكام الساسانيُّون في عهودهم وحكوماتهم سياسة خشنة قاسية ، وقد أخضعوا الناس بسلطانهم بالسيف والعنف.
كانوا يفرضون على الناس ضرائب ثقيلة وأتاوات باهضة قاصمة للظهور ، ولهذا السبب كان عامة الشعب الايراني غير راضين على حكمهم وسيرتهم ، ولكنهم خوفاً على نفوسهم ، ما كانوا يتمكنون من الاعلان من استيائهم هذا بل لم يكن لأرباب الفكر والرأي والعارفين بالامور شأن ولا قيمة في البلاط الشاهنشاهي.
لقد بلغ الاستبدادي لدى الحكام الساسانيين حداً لم يستطع معه أحدٌ من إظهار رأيه ، ولم يجرأ احد على إبداء أية ملاحظة في شأن من الشؤون.
لقد بلغت القوة بخسرو برويز حداً عجيباً وصفه الثعالبي بقوله :
قيل لخسرو برويز ( كسرى ) دعونا فلانا الوالي فتباطأ عن الامتثال ، فأمر الملك من فوره قائلا ان كان يصعب عليه مجيئه ببدنه كله ، فاننا يكفينا شيء منه ، فليؤتى براسه فحسب (٢).
__________________
١ ـ يذكر الفردوسي الشاعر الملحمي هذه القصة في شاهنامته المعروفة عند ذكر وقائع انوشيروان اثناء حربه مع الروم ( ج ٦ ، ص ٢٥٧ ـ ٢٦٠ ).
٢ ـ ايران در عهد ساسانيان : ص ٣١٨.