والملوكية قبله ، رجلا كان ذلك أم إمراة ، صغيراً كان ام كبيراً ، لكيلا يبقى في الوجود من يطمع في السلطان أو يدّعيه!!
وصفوة القول : أن الفوضى السياسية بلغت في أواخر العهد الساساني حداً بحيث كانوا يجلسون فيه الأطفال والصبيان والنساء على اريكة الحكم ، ثم يثورون عليهم ويقتلونهم بعد ايام أو أشهر ويحلون محلَّهم أشخاصاً آخرين!!
وعلى هذا فإن الدولة الساسانية رغم قوتها الظاهرية كانت آخذة في الانحطاط والانحلال وسائرة نحو التمزق والفناء.
لقد كان أهم عامل للفوضى الّتي كانت تعاني منها الاوضاع في العهد الساساني هو الاختلاف في المعتقدات الدينية الّتي كانت سائدة آنذاك.
فحيث أن « اردشير بن بابك » مؤسس السلسلة الساسانية كان ابن مؤبد ( وهو رجل دين زردشتي ) وقيّماً على بيت نار وقد تمكن من السلطان بفضل الموابدة فانه اجتهد في الترويج لدين آبائه في ايران.
وفي عهد الساسانيين كان الدين الرسمي والشائع في أوساط الشعب الإيراني هو الدين الزرادشتي ، ولما كانت السلالة الساسانية قد توصلت إلى الحكم بواسطة الموابدة ـ كما أسلفنا ـ لذلك كان الموابدة والقيمون على بيوت النار ( ونعني بهم رجال الدين الزرادشتي ) يحظون بمكانة كبرى لدى البلاط الساساني إلى درجة أنهم أصبحوا يشكّلون في أواخر العهد الساساني أقوى طبقة ، وأشد الاجنحة نفوذاً في المجتمع الإيراني آنذاك.
ولقد كان الحكام الساسانيّون دائماً ممَّن رشحهم للحكم الموابدة ورجال الدين الزردشتي المجوسي ، ولذلك كان الحكام يأتمرون بأوامرهم ، ولو أن أحداً منهم خالف الموابدة عارضوه أشدَّ المعارضة ، وسحبوا عنه تأييدهم ودَعْمهمْ ، ولهذا اجتهد الملوك الساسانيون في كسب رضا الموابدة ، والعناية بهم اكثر من غيرهم من الطبقات ، وقد تسبَّبت عناية اُولئك الملوك بالموابدة وحمايتهم لهم في تزايد