هذا من جانب
ومن جانب آخر كان قد انفتح على الشعب الإيراني منذ أيام الملك « أنوشيروان » فما بعد طريق التفكير ، والتأمل ، والتحقيق ، وممّا قد قوّى هذا الامر ما حصل من اتصالات بين العقائد الزردشتية والمعتقدات المسيحية وغيرها من العقائد والاديان وما تحقق من تلاقح بينها نتيجة تسلل الثقافة اليونانية والهندية ، وغيرها إلى الوسط الإيراني ، وتسبب كل ذلك في يقظة الشعب الإيراني ، ولذلك اصبح يعاني من هذه الخرافات والاساطير الّتي كانت الديانة الزردشتية تعج بها اكثر من أي وقت مضى.
وعلى أية حال فان الفساد الّذي ظهر في أوساط رجال الدين الزردشت ، وتطرق الخرافات والاساطير الواهية الكثيرة إلى المعتقدات الزردشتية تسَبّبَ في حصول مزيد من التشتت والاختلاف والتشرذم في آراء الشعب الإيراني وعقيدته.
ومع ظهور هذا الاختلاف وعلى أثر إنتشار المذاهب المتنوعة ظهر روح الشك والتردد لدى الطبقة المفكرة والمثقفة ، وسرت منهم إلى بقية الاصناف والفئات ممّا أدى ذلك إلى أن يفقد جماهير الشعب ثقتها وايمانها القطعي ، واعتقادها الكامل السابق بتلك المعتقدات.
وهكذا استشرى الهرج والمرج وعمَّت الفوضى واللادينية كل مناطق إيران والمجتمع الإيراني ، كما رسم « برزويه » الطبيب الشهير في العهد الساساني حيث صوّر نموذجاً كاملا عن الاختلاف الاعتقادي والتشرذم الفكري ، وبالتالي اضطراب الأوضاع الإيرانية في العهد الساساني ، في مقدمة « كليلة ودمنة ».
لقد انقذ « بزرجمهر » ـ الوزير الإيراني الشهير الّذي كان يحتل مكان الصدارة في حكومة « انوشيروان » وكان موصوفاً بالتدبير والكفاءة العالية ـ ايران من الاخطار الّتي احدقت بها في اكثر الاحايين ، ولكن علاقته بالسلطان