من مرحلة إلى مرحلة ، هو ـ في الحقيقة ـ الربُّ الّذي يبلغ بهذه الموجودات وما دونها إلى الكمال.
لقد اسلفنا في ما سبق أن « ابراهيم » ـ بعد خروجه من الغار ـ واجه صنفين منحرفين عن جادة التوحيد هما :
١ ـ الوثنيون.
٢ ـ عَبَدة الاجرام السماوية.
ولقد سمعنا حوار « ابراهيم » عليهالسلام وجداله مع الفريق الثاني ، وعلينا الآن أن نعرف كيف حاور الوثنيين وعبدة الاصنام؟
إن تاريخ الانبياء والرسل يكشف لنا عن أنهم كانوا يبدأون دعوتهم من انذار الاقربين ثم يوسعون دائرة الدعوة لتشمل عامة الناس كما فعل رسول الإسلام في بدء دعوته حيث بدأ بانذار عشيرته الاقربين لما امره اللّه تعالى بذلك إذ قال : « وأَنْذِرْ عَشِيْرَتَكَ الاَْقْرِبِيْن » (١). وبذلك أسّس دعوته على إصلاح اقربائه وعشيرته.
ولقد سلك « الخليل » عليهالسلام نفس هذا المسلك أيضاً إذ بدأ عمله الاصلاحي باصلاح اقربائه.
ولقد كان لآزر بين قومه مكانة اجتماعية عليا فهو ـ مضافاً إلى معلوماته في الصناعة وغيرها ـ كان منجماً ماهراً ، وذا كلمة مسموعة ورأي مقبول في بلاط « نمرود » في كل ما يخبر به من أخبار النجوم ، وكل ما يستخرجه وما يستنبطه من الامور الفلكية ويذكره من تكهنات.
لقد ادرك « ابراهيم » انه بجلبه لآزار ( عمّه ) يستطيع أن يسيطر على اوساط الوثنيين ، ويجردهم من ركيزة هامة من كبريات ركائزهم ، ولهذا بادر إلى منع
__________________
١ ـ الشعراء : ٢١٤.