عمّه آزر ـ وبافضل الاساليب ـ عن عبادة الاوثان ، بيد أن بعض الأسباب أوجبت أن لا يقبل « آزر » بنصائح « ابراهيم » عليهالسلام ، والمهم لنا في هذا المجال هو ان نتعرف على كيفية دعوة الخليل وعلى اسلوب حواره مع « آزر ».
ان الامعان في الآيات الّتي تنقل حوار « ابراهيم » عليهالسلام مع « آزر » توضح لنا أدب الانبياء ، واسلوبهم الرائع في الدعوة والارشاد ، ولنقف عند حوار ابراهيم ودعوته ، ليتضح لنا ذلك.
يقول القرآن الكريم عن ذلك : « إذْ قالَ لأَبيْهِ يا أبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يسْمَعُ وَلا يُبْصر وَلا يُغْنِيْ عَنْكَ شَيْئاً. يا أَبَتِ إنِّي قَدْ جائنِي مِنَ الْعِلْم ما لَمْ يَأتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوياً. يا اَبتِ لا تَعْبُدِ الشّيطانَ انَ الشّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمن عَصِيّاً. يا أَبتِ إنّي اَخافُ أنْ يَمسَّك عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشّيْطانِ وَليّاً ».
فاجابه « آزر » قائلا : « أراغبٌ أنْتَ عَنْ الهتي يا إبْراهيمُ لئنْ لَمْ تنْته لأَرْجُمَنَّكَ وَاْهجُرْنيْ مَلِيّاً ».
ولكن « ابراهيم » بسعة صدره وعظمة روحه تجاهل ردّ « آزر » العنيف ذلك وأجابه قائلا : « سَلامٌ عَلَيْك سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيْ » (١).
وأيّ جواب افضلُ مِنْ هَذا البيان وأيُّ لغة أليَن مِنْ هذه اللغة واحبّ إلى القلب ، واكثر رحمة ولطفاً.
ان الظاهر من الآيات المذكورة وكذا الآية (١١٥) من سورة « التوبة » والآية (١٤) من سورة الممتحنة هو : أنّ « آزر » كان والد إبراهيم عليهالسلام.
وقد كان إبراهيم يسميه أباً في حين كان « آزر » وثنياً ، فكيف يصحّ ذلك وقد اتفقت كلمة علماء الشيعة عامة على كون والد النبيّ الكريم « محمَّد »
__________________
١ ـ مريم : ٤٢ ـ ٤٧.