وقال أحد الكتاب مؤيداً هذا الاتجاه بقوله : « إن الطير المستعمل في الكتاب العزيز يراد منه مطلق ما يطير ، ويشمل الذباب والبعوض ايضاً ».
ولابدَّ ـ قبل دراسة هذه الأقوال ـ أن نستعرض مرة اُخرى الآيات النازلة في اصحاب « الفيل ».
يقول اللّه تعالى : « ألمْ تَر كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيدهُمْ في تَضْلِيْل. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيْل. تَرْميْهِمْ بِحِجارَة مِنْ سِجّيل. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْف مَأكُولٍ ».
إن ظاهر هذه الآيات يفيد أن جيش ابرهة اُصيب بالغضب والسخط الالهي ، وان هلاكه وفناءه كان بهذه الأحجار الّتي حملتها تلك الطيور ، والقتْ بها على رؤوس الجند وأبدانهم.
إن الإمعان في مفاد هذه الآيات يعطي أن مَوتهم كان بسبب هذه الاسلحة غير الطبيعية ( الصغيرة الحقيرة في ظاهرها ، القوية الهدامة بفعلها وأثرها ).
وعلى هذا فإنَّ أي تفسير يخالف ظاهر هذه الآيات لا يمكن الذهاب إليه وحمل الآيات عليه ما لم يقم على صحته دليل قطعي.
١ ـ إِنَّ التفسير المذكور لا يستطيع كذلك أَن يجعل كل تفاصيل هذه الحادثة أمراً طبيعياً ، بل هناك جوانب في تلك الواقعة التاريخية العجيبة لابد من تفسيرها بالعوامل والاسباب الغيبية ، لأنه مع فرض أن هلاك الجند وتلاشي أجسادهم تمَ بواسطة ميكروب : « الحصبة » و « الجدري » ، ولكن من الّذي ارشد تلك الطيور إلى تلك الاحجار الصغيرة الملوثة بميكروب الحصبة والجدري ، فتوجهت بصورة مجتمعة إلى تلك الاحجار الخاصة بدل التوجه إلى الحَبّ والطعام ، ثم كيف بعد حمل تلك الأَحجار بمناقيرها وأرجلها حلَّقتْ فوق معسكر « أبرهة » ورجمت جنده كما لو أنّها جيشٌ منظّم موجّه؟؟
هل يمكن اعتبار كل ذلك أمراً عادياً ، وحدثاً طبيعياً؟