الماء القليل الموجود في البئر يفيضُ ماء ، بالإعجاز ، ولكن جفَّ ذلك البئرُ على عكس ما قال ، لم يكن ذلك إعجازاً ، بل كان تكذيباً لمدعيها.
هذا هو خلاصة ما يمكن أن يُقال حول تعريف المعجزة والاعجاز وهو يساعد على فهم طبيعة العمل الإعجازيّ.
وبهذا يتضح جواب السؤال المطروح في هذا المجال وهو أن يقال : إن قانون العليّة ( اي : ارتباط كل معلول حادث بعلة ) ممّا ارتكز عليه الذهنُ البشريُ وقبلَه العلمُ والفلسفة ، ولذلك فاننا نلاحظ : كلّما وقف الإنسانُ على ظاهرة مهما كانت ـ بحَثَ عن علّتها فوراً فاذا رأى حية ـ مثلا ـ عرف بان علتها الطبيعية هي أن تبيض حيّة ، ثم خروج حيّة من البيض بعد سلسلة من التفاعلات فكيف يمكن القبول بالمعاجز مع أنها لا تنشأ عن مثل هذه العلل ولا تمرُّ بمثل هذه المقدمات والمراحل والتفاعلات الطبيعيّة ، مثل انقلاب العصا إلى ثعبان ، أو نبوع الماء من الصخر من دون حفر أو تنقيب.
أليس هذا هدمٌ ، أو تخصيصٌ لذلك القانون العقليّ المسَلَّم العام؟
فان الجواب على هذا السؤال هو ان مثل هذا السؤال لا يطرحه إلاّ الَّذين يحصرُون العلل والعلاقات بين الاشياء في العلل والعلاقات المادية الطبيعية.
ولكن الحق هو أنَّ أيَّة ظاهرة مادية يمكن أن يكون لها نوعان من العلل :
١ ـ العلةُ العادية الّتي تخضع للتجربة.
٢ ـ العلةُ غير العادية الّتي لا يعرفها الناس ولم تكن متعارفة ولا تخضع للتجربة العلمية.
وهذا يعني أنه لا توجد أية ظاهرةُ في هذا العالم بدون علة.
وتوضيحُ هذا أن اصل وجود الحية ونبوع الماء من الصخرة وتكلم الطفل ـ مثلا ـ أمرٌ ممكنٌ ، ولا يُعدّ من المحالات ، لأَنها لو كانت من المحالات لما تحقق وجودها أبداً.