« لِيَكُونَ دَليلا عَلى صِدق من أتى به ، والمعجزة علامةٌ للّه لا يعطيها إلا انبياءه وَرسلَه ، وحجَجَه ، ليعرفَ به صدق الصادق مِنْ كذب الكاذِب » (١).
لا شَكَّ في أنَّ السَحَرة والمرتاضين يقومون بأَفعال خارقة للعادة مثيرة للعجب والدهشة حتّى ان البسطاء ربما يذهب بهم الاندهاش إلى حدّ الاعتقاد بأن القائمين بهذه الخوارق مزوَّدون بقوى غامضة غيبية لا يتوصلُ اليها البشر.
فكيف يمكن اذن أن نُمَيّز بَينَ المعاجز وتلك الخوارق والعجائب؟
إن التمييز بين هذه وتلك يمكن أن يتم إذا لاحظنا العلائم الفارقة بين المعجزة وغير المعجزة من الاعمال الخارقة للعادة ، كاعمال السحرة والمرتاضين ( اصحاب اليوجا ) ونظائرهم.
وهذه الفوارق هي عبارة عن الامور التالية :
١ ـ إن القوة الغامضة الحاصلة لدى المرتاضين والسحرة ناشئة بصورة مباشرة من التعلم والتحصيل عند اساتذة تلك العلوم ، وذلك طيلة سنين عديدة من الزمان.
بينما لا يرتبط الاعجاز بالتعلّم والتلمّذ أبداً ، والتاريخ خير شاهد على هذا الكلام.
٢ ـ إن أَفعال السَحرة والمرتاضين العجيبة قابلة للمعارضة والمقابلة بأمثالها ، وربما بما هو اقوى منها ، على عكس الإعجاز ، فالمعجزات غير قابلة لأن تعارض وتقابل بمثلها ابداً.
٣ ـ المرتاضون والسَحرة لا يَتحدُّون أحداً بأفعالهم ولا يطلبُون معارضة أحد لَهُمْ وإلا لافْتضَحُوا وكبتوا.
بينما يتحدى الانبياء والرسل بمعاجزهم جميع الناس ويدعونهم لمعارضتهم
__________________
١ ـ علل الشرائع : ج ١ ، ص ١٢٢.