واليك فيما يأتي ما الحِقَ بهذه القضية التاريخية الثابتة.
و « فاطمةُ » هذه هي أختُ « ورَقَة بن نوفل » الّذي كان من حكماء العرب وكُهّانهم ، وكان له معرفة كبيرة بالإنجيل. وقد ضبط التاريخ حديثه مع خديجة في بدء بعثة الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وسوف نشير إليه في محله من هذا الكتاب.
وكانت « فاطمة » اخت « ورقة » قد سمعت من أخيها عن نبوة رجل من احفاد « اسماعيل » ، ولهذا ظلّت تنتظر ، وتبحث.
وذات يوم وعندما كان « عبد المطلب » متوجها إلى بيت آمنة بنت وهب بعد قفوله ومنصرفه من المذبح وهو آخذ بيد « عبد اللّه » ، شاهدت « فاطمة الخثعمية » ـ الّتي كانت تقف على مقربة من منزلها ـ النور الساطع من جبين « عبد اللّه » ، والّذي كانت تنتظره مدة طويلة وتبحث عنه بشوق ، فقالت : اين تذهب يا عبد اللّه؟ لكَ مِثلُ الإبل الّتي نحِرَت عنك ، وقعْ عليَّ الآن.
فقال : أنا مع أبي ولا استطيع خلافه وفراقه!! (١).
ثم تزوج « عبد اللّه » بآمنة في نفس ذلك اليوم ، وقضى معها ليلة واحدة.
ثم في الغد من ذلك اليوم أتى المرأة « الخثعمية » الّتي عرضت نفسها عليه ، وأبدى استعداده لتنفيذ رغبتها ، ولكن « الخثعمية » قالت له : ليس لي بك اليوم حاجة ، فلقد فارقك النورُ الّذي كان مَعك أمس!! (٢).
وقيل : إنه لمّا عرضت تلك المرأة « الخثعمية » على « عبد اللّه » ما عرضت أجابها « عبد اللّه » بالبداهة ببيتين من الشعر هما :
أمّا الحَرامُ فالمماتُ دُونَهُ |
|
وَالحِلُّ لاحلٌ فاستبينهُ |
فكيفَ بالأَمر الّذي تبغِينَهُ |
|
يحمي الكريمُ عرضَه ودينَهُ |
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٥.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٥٦ النصّ والهامش.